حدث الصادق في أمر أبي الحسن موسى بن جعفر حتى قال له أبو عبد الله: هو صاحبك الذي سألت عنه فقم إليه فأقر له بحقه، فقمت حتى قبلت رأسه ويده ودعوت الله له، فقال أبو عبد الله: أما أنه لم يؤذن لنا في أو منك، قال قلت: جعلت فداك فأخبر به أحدا؟ قال: نعم أهلك وولدك وكان معي أهلي وولدي ورفقائي فلما أخبرتهم حمدوا الله (1).
ويبدو أن موسى بن جعفر كان أقرب إخوته إلى أبيه وأرفعهم منزلة عنده يدل على ذلك ما رواه الكليني من أن الصادق كان يلوم ابنه عبد الله الأفطح ويعاتبه ويقول: ما منعك أن تكون مثل أخيك، فوالله إني لأعرف النور في وجهه؟ فقال عبد الله: لم أليس أبي وأبوه واحدا وأمه وأمي واحدة فقال له أبو عبد الله:
انه من نفسي وأنت ابني (2).
فهذا دليل آخر أكد به الصادق إمامة ابنه موسى من بين أولاده، كما أن الصادق كان حذرا حتى في وصيته لموسى أبنه فلم يوص له فقط وإنما أشرك معه آخرين من أولاده ليبهم الأمر على المنصور آنئذ لشدته مع العلويين كما مر سابقا، فيروي المسعودي أن الصادق أوصى وصيته الظاهرة خوفا على ابنه موسى وتقية إلى أربعة المنصور وابنه عبد الله الأفطح وابنته فاطمة وابنه موسى بن جعفر فقام موسى بأمر الإمامة سرا واتبعه المؤمنون (3).
ويستدل الكليني على إمامة موسى بن جعفر بما رواه عن فيض بن المختار قال إني لعند أبي عبد الله إذ أقبل أبو الحسن موسى وهو غلام فالتزمته وقبلته فقال أبو عبد الله: أنتم السفينة وهذا ملاحها، قال:
فحججت من قابل ومعي ألفا دينار فبعثت بألف إلى أبي عبد الله وألف إليه، فلما دخلت على أبي عبد الله قال يا فيض عدلته بي؟ قلت: إنما فعلت ذلك لقولك، فقال: أما والله ما أنا فعلت ذلك، بل الله عز وجل فعله به (4).