وقد حاول المنصور أن سياسته تجاه أبناء الحسن فخطب بالناس بعد أخذ أبناء الحسن وحبسهم قال يا أهل خراسان أنتم شيعتنا وأنصارنا وأهل دعوتنا ولو بايعتم غيرنا لم تبايعوا خيرا منا، إن ولد ابن أبي طالب تركناهم والذي لا إله إلا هو والخلافة فلم نعرض لهم بقليل ولا بكثير فقام فيها علي فما أفلح وحكم الحكمين فاختلفت الأمة عليه وافترقت الكلمة ثم وثب عليه شيعته وأنصاره فقتلوه ، ثم قام بعده الحسن بن علي فوالله ما كان برجل، عرضت عليه الأموال فقبلها ودس إليه معاوية أني أجعلك ولي عهدي فخلفه وانسلخ له مما كان فيه وسلمه إليه وأقبل على الناس يتزوج اليوم واحدة ويطلق غدا أخرى فلم يزل كذلك حتى مات على فراشه، ثم قام بعده الحسين بن علي فخدعه أهل العراق الشقاق والنفاق والإغراق في الفتن أهل هذه المدرة السوء... فلما استقرت الأمور فينا على قرارها من فضل الله وحكمه العدل وثبوا علينا حسدا منهم لنا وبغيا علينا بما فضلنا الله به عليهم وأكرمنا من خلافته ميراثنا من نبيه (1).
فأبو جعفر المنصور هنا يريد أن يبرر موقفه بادعائه أنه صاحب الحق وأنه صاحب ميراث النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كما أن هذا الخطاب تدبير آخر للمنصور يحاول به أن يكسب أنصارا من الخراسانيين لأن الخطاب موجه إليهم فيحاول أن يظهر لهم أبناء علي بمظهر الذي لا يصلح للخلافة لأنه لم يفلح فيها واحد منهم، كما أن الخطاب يوضح لنا نظرة المنصور للخراسانيين واهتمامه بإقناعهم بحقه ليؤيدوه تأييدا كليا (2).
إلا أن محمد النفس الزكية كان يؤكد أنه صاحب الحق في الخلافة فخطب في أصحابه مبينا لهم عدم أهلية المنصور للخلافة فقال: وإن أحق الناس بالقيام بهذا الدين أبناء المهاجرين الأولين والأنصار المواسين، اللهم انهم قد أحلوا حرامك وحرموا حلالك وآمنوا من أخفت وأخافوا من آمنت (3).