تخدعون أنفسكم ووالله لقد علمتم ما الناس إلى أحد أصور أعناقا ولا أسرع إجابة إلى هذا الفتى (1).
ولم يطمئن السفاح لغياب محمد النفس الزكية وإنما كتب يستقدم عبد الله بن الحسن بن الحسن، فقدم عليه مع أخيه الحسين بن الحسن فأكرمهما ووصلهما إلا أنه أكثر من السؤال عن محمد النفس الزكية وقال لعبد الله: يا أبا محمد أترضى من ابنك يبيع بالمدينة ولا يشخص غلى معك فحلف له عبد الله أنه لا يعرف مستقره (2).
ولكن يبدو أن أبا العباس كان متخوفا من محمد وأخيه ولو أنه كان يبالغ في إكرامهم ووصلهم بالصلاة الكثيرة إلا أنه كان لا يفتأ بتذكيرهم بأمر محمد وعزمه على الدعوة إلى نفسه (3).
وبالرغم من أنه لم يخرج أحد من أبناء الحسن في أيام أبي العباس السفاح وأنه لم يؤذ أحدا منهم إلا أن الطرفين كانوا في ريبة وشك من بعضهما، ثم إن مدة خلافة السفاح كانت قصيرة والدولة العباسية في بداية أمرها. كما أن المبادئ التي قامت عليها الدعوة العباسية من الطلب بحق آل البيت والثأر لدمائهم ربما كانت مانعا من قيام أبي العباس بأي عمل ضد أبناء الحسن بالرغم من وصول الأخبار إليه بدعوة محمد إلى نفسه فذكر الأصفهاني عن عبد الله بن الحسن قال بينما أنا في سمر مع أبي العباس، وكان إذا تثاءب أو ألقى المروحة قمنا فألقاها ليلة فقمنا، فأمسكني فلم يبق غيري فأدخل يده تحت فراشه فأخرج إضبارة كتب فقال: اقرأ يا أبا فقرأت فإذا كتاب من محمد إلى هشام بن عمرو ابن البسطام التغلبي، يدعوه إلى نفسه، فلما قرأته قلت: يا أمير المؤمنين لك عهد الله وميثاقه ألا ترى منهما شيئا تكرهه ما كانا في الدنيا (4).