فرضا يعولون عليه، ويتقيدون به فيه، ولو كان على وضوء قبل ذلك، لكان لم يعلمهم الفرض الذي هم أحوج إليه.
ومن ذلك ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) من قوله: ما نزل القرآن إلا بالمسح (1)، ولا يجوز أن يكون أراد بذلك إلا مسح الرجلين، لأن مسح الرؤوس لا خلاف فيه.
ومنه قول ابن عباس (رحمه الله): نزل القرآن بغسلين ومسحين (2).
ومن ذلك إجماع آل محمد (عليهم السلام) على مسح الرجلين دون غسلهما، وهم الأئمة والقدوة في الدين، لا يفارقون كتاب الله عز وجل، إلى يوم القيامة (3) وفيما أوردناه كفاية والحمد لله.
فإن قال قائل: فلم ذهبتم في مسح الرأس والرجلين إلى التبعيض؟
قيل له: لما دل عليه من ذلك كتاب الله سبحانه وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله)، أما دليل مسح بعض الرأس فقول الله تعالى: * (وامسحوا برؤوسكم) * (4) فأدخل الباء التي هي علامة التبعيض، وهي التي تدخل على الكلام مع استغنائه في إفادة المعنى عنها، فتكون زائدة، لأنه لو قال: * (وامسحوا رؤوسكم) * لكان الكلام صحيحا، ووجب مسح جميع الرأس، فلما دخلت الباء التي لم يفتقر الفعل في تعديته إليها