وكظمت غيظي مخافة من أن يسمع أعداؤهم بالمدينة فيتسروا بالشماتة فلم أزل حافظة للوقت واليوم حتى جاءنا الناعي ينعاه فحقق ما رأيت (1).
- عن الباقر (عليه السلام) قال: لما أراد الحسين (عليه السلام) الخروج إلى العراق بعثت إليه أم سلمة رضي الله عنها وهي التي كانت ربته وكان أحب الناس إليها وكانت أرق الناس عليه وكانت تربة الحسين عندها في قارورة دفعها إليها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
فقالت: يا بني أتريد أن تخرج فقال لها: يا أماه أريد أن أخرج إلى العراق. فقالت:
إني أذكرك الله تعالى أن تخرج إلى العراق. قال: ولم ذلك يا أماه. قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: يقتل ابني الحسين بالعراق وعندي يا بني تربتك في قارورة مختومة دفعها إلي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا أماه والله إني لمقتول وإني لا أفر من القدر والمقدور والقضاء المحتوم والأمر الواجب من الله تعالى. فقالت: واعجباه فأين تذهب وأنت مقتول فقال: يا أماه إن لم أذهب اليوم ذهبت غدا وإن لم أذهب غدا لذهبت بعد غد وما من الموت - والله يا أماه - بد، وإني لأعرف اليوم والموضع الذي أقتل فيه والساعة التي أقتل فيها والحفرة التي أدفن فيها كما أعرفك وأنظر إليها كما أنظر إليك. قالت: قد رأيتها! قال: إن أحببت أن أريك مضجعي ومكاني، فأراها مضجعه ومكانه ومكان أصحابه، وأعطاها من تلك التربة، فخلطتها مع التربة التي كانت عندها، ثم خرج الحسين (عليه السلام) وقد قال لها: إني مقتول يوم عاشوراء. فلما كانت تلك الليلة التي صبيحتها قتل الحسين بن علي (عليه السلام) فيها أتاها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في المنام أشعث باكيا مغبرا فقالت: يا رسول الله ما لي أراك باكيا مغبرا أشعث!
فقال: دفنت ابني الحسين عليه السلام وأصحابه الساعة. فانتبهت أم سلمة رضي الله عنها فصرخت بأعلى صوتها فقالت: وا إبناه. فاجتمع أهل المدينة وقالوا لها: