ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير، فجاء علي فأكل معه ".
هذا لفظ الحديث بهذا المقدار في صحيح الترمذي، فلا يذكر فيه دور أنس في القضية هذه كما سنقرأ، ولا يذكر مجيء غير علي ورجوعه من باب رسول الله.
وجاء في كتاب مناقب علي لأحمد بن حنبل (1) ما نصه: عن سفينة خادم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذي هو أحد رواة هذا الحديث يقول: أهدت امرأة من الأنصار إلى رسول الله طيرين بين رغيفين، فقدمت إليه الطيرين، فقال (صلى الله عليه وسلم): " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلى رسولك "، ورفع صوته، فقال رسول الله: " من هذا؟ " فقال: علي.
لاحظوا نص الحديث الذي يرويه أحمد بن حنبل، وقارنوا بينه وبين رواية الآخرين.
ولكم أن تقولوا: لعل الآخرين تصرفوا في لفظ الحديث بإسقاط كلمة " ورفع صوته " فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلى رسولك ورفع صوته "، إن معنى " رفع صوته " أنه عندما كان يدعو كان يدعو بصوت عال، لنفرض أن هذا معنى الحديث إلى هنا " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلى رسولك ورفع صوته " لكن الحقيقة إن لفظ أحمد محرف، لأنا سنقرأ في بعض الألفاظ: إن عليا عندما جاء في المرة الأولى فأرجعه أنس ولم يأذن له بالدخول، وفي المرة الثانية كذلك، في المرة الثالثة لما جاء علي رفع صوته فقال رسول الله: من هذا؟
فمن هنا يظهر معنى " ورفع صوته " ويتبين التحريف، وإلا فأي علاقة بين قوله:
" اللهم ائتني بأحب الخلق إليك وإلى رسولك ورفع صوته "، وقوله: فقال رسول الله من هذا؟ فقال: علي، أي: قال سفينة: الذي خلف الباب هو علي، قال: افتح له، ففتحت، فأكل مع رسول الله من الطيرين حتى فنيا.