وفي بعض ألفاظ الحديث: فلما نظر إليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قام قائما فضمه إليه وقال: " يا رب وإلي يا رب وإلي، ما أبطأ بك يا علي؟ ".
وفي لفظ آخر بعد تلك العبارات: " ما أبطأ بك يا علي؟ " قال: يا رسول الله قد جئت ثلاثا كل ذلك يردني أنس، قال أنس: فرأيت الغضب في وجه رسول الله، وقال: " يا أنس ما حملك على رده؟ " قلت: يا رسول الله سمعتك تدعو، فأحببت أن تكون الدعوة في الأنصار.
وكأن بهذا العذر زال غضب رسول الله!! ذلك الغضب الشديد الذي رآه أنس في وجهه، زال بمجرد اعتذاره بهذا العذر، حتى أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) لما اعتذر هذا العذر قال: لست بأول رجل أحب قومه!!
وإني أعتقد أن هذا الكلام من رسول الله مفتعل عليه في حديث الطير: " لا يلام الرجل على حب قومه " أو " لست بأول رجل أحب قومه "، أعتقد أن هذه إضافة من المحدثين.
لكن لو سألتم بأي دليل تعتقد؟
ليس عندي الآن دليل، وإنما أقول: كيف غضب رسول الله ذلك الغضب ثم زال غضبه بمجرد اعتذار أنس بهذا العذر الواهي؟ بل يعتذر له رسول الله مرة أخرى، ويبدي له عذرا!! ألم يكن يعلم رسول الله بهذا: لا يلام الرجل على حب قومه؟ فلماذا غضب عليه إذن؟ بل قاله له رسول الله وكأنه يلاطفه بعد ذاك الغضب الشديد، كما في هذا الحديث: " لست بأول رجل أحب قومه، أبى الله يا أنس إلا أن يكون ابن أبي طالب ".
وهذه قرائن داخلية في الألفاظ، ولو أردت أن أعيد عليكم الألفاظ بكاملها من أولها إلى آخرها لطال بنا المجلس، لكن تلك المقاطع التي نحتاج إليها - كقرائن داخلية تؤيد ما نريد أن نستدل به من هذا الحديث - هذه القرائن انتخبتها واستخرجتها بهذا الشكل.