الجهة الثالثة:
دلالات حديث الثقلين قد عرفتم بنحو الإجمال دلالة حديث الثقلين على الإمامة في نفس البحث حول ألفاظه فقط، فكان الحديث في بعض ألفاظه نصا على إمامة وخلافة علي أمير المؤمنين (عليه السلام)، وهو في ألفاظه الأخرى - كلفظ " التمسك " ولفظ " الأخذ " ولفظ " الاتباع " و " الاعتصام " ونحو ذلك - يدل على الإمامة والخلافة بالدلالة الالتزامية، من حيث أن هذه الألفاظ تدل على وجوب " الاتباع " و " الانقياد " و " الإطاعة المطلقة "، وهناك ملازمة بين " الإطاعة المطلقة " وبين " الإمامة " و " الخلافة ".
وإن كنتم في شك فارجعوا إلى شراح الحديث، بإمكانكم أن ترجعوا إلى فيض القدير في شرح جامع الصغير، وإلى المرقاة في شرح المشكاة، وإلى نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض، وإلى شرح المواهب اللدنية، والسراج المنير في شرح الجامع الصغير، وحتى إذا ترجعون إلى الصواعق المحرقة، إلى كتاب جواهر العقدين، وإلى أمثال هذه الكتب، لكي تروا كيف يشرحون حديث الثقلين وينصون على أن هذا الحديث حث وأمر من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالاهتداء بهدي أهل البيت، بالتعلم من أهل البيت، بالاقتداء بأهل البيت:
يقول المناوي: في هذا الحديث تصريح بأنهما - أي القرآن والعترة - كتوأمين خلفهما وأوصى أمته بحسن معاملتهما، وإيثار حقهما على أنفسهم، والاستمساك بهما في الدين (1).