أما إذا كان طرف الخطاب سنيا، ولا يوافق على كتاب البخاري، بل لا يرى صحة شئ من الصحاح الستة، فلا بد حينئذ من إقامة الدليل له مما يراه حجة، من الكتاب أو العقل، فإن أردنا أن نقيم الدليل عليه من السنة، فلا بد وأن نصحح الرواية التي نحتج بها، لكي يلتزم بتلك الرواية، لأنها إذا صحت على ضوء كلمات علماء الجرح والتعديل عندهم، فلا بد وأن يلتزم بتلك الرواية.
قد يكون في هذا الزمان بعض الباحثين من لا يقول بصحة روايات الصحيحين فضلا عن الصحاح كلها، وإنما يطالب برواية صحيحة سندا، سواء كانت في الصحيحين أو في غير الصحيحين، فإثبات صحة تلك الرواية لا بد وأن يكون على ضوء كلمات علماء الجرح والتعديل من أهل السنة بالنسبة لرواة تلك الرواية، حتى تتم صحة الرواية، ويمكنك الاستدلال بتلك الرواية، فإن عاد وقال: ليست كلمات علماء الجرح والتعديل عندي بحجة، هذا الشخص حينئذ لا يتكلم معه ويترك، لأن المفروض أنه لا يقبل بالصحيحين، ولا يقبل بالصحاح، ولا يقبل برواية فرض صحتها على ضوء كلمات علماء الجرح والتعديل من أئمتهم، حينئذ لا مجال للتكلم مع هكذا شخص أبدا.
لكن المشهور بين السنة أنهم يرون صحة أخبار الصحيحين، وإن كنا أثبتنا في بعض بحوثنا أن هذا المشهور لا أصل له، لكن المشهور بينهم هذا.
وأيضا المشهور بينهم صحة روايات الصحاح الستة، وإن اختلفوا في تعيين تلك الصحاح بعض الاختلاف.
وإن المسانيد أيضا كثير منها معتبر، كمسند أحمد مثلا، وإن كان بعض كبارهم لا يرون التزام أحمد في مسنده بالصحة، لكن عندنا شواهد وأدلة تنقل بالأسانيد عن أحمد بن حنبل نفسه أنه ملتزم في مسنده بالصحة.
وهناك كتب أخرى أيضا مشهورة.
ونحن في بحوثنا هذه لا نعتمد إلا على الصحاح، والمسانيد، والكتب المشهورة، بعد الاستدلال بالكتاب، وبالعقل، فإذا وصلت النوبة إلى السنة نستدل بالأحاديث