ومواليه، زادوها فيه ليثبتوا فضلا لأبي بكر بزعمهم لما لحقه في عزله عن التبليغ عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) من ذل وهوان، ونحن لا نرى لصحبته الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في الغار فضلا له، حيث إن مجرد الصحبة بما أنها صحبة لا شأن لها، ولا هي بذات بال عند العقلاء حتى يقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لأبي بكر (أنت صاحبي في الغار) كي يهون عليه ما لحقه من ذل وهوان، في هذا العزل الإلهي، فقد يصحب المؤمن الكافر، وقد يصحبه مؤمن مثله، والمؤمن على إيمانه، والكافر على كفره، قال الله تعالى (قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب، ثم من نطفة، ثم سواك رجلا) (1).
فإذا عرفت هذا علمت أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يأت بلغو من القول فيقول لأبي بكر أنت صاحبي في الغار. وهو (صلى الله عليه وآله وسلم) سيد الحكماء وإمام العقلاء أجمعين.
ومن المهازل المضحكة أن البكريين يرون لأبي بكر فضلا في آية الغار دونه كل الفضائل، وهو كما سترى فضيحة له وعارا عليه لو كانوا يعقلون.
قال ابن حجر العسقلاني: ومن أعظم مناقبه - أبي بكر - قول الله تعالى (ألا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار، إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) (2) فالمراد بصاحبه أبو بكر بلا نزاع... وأضاف: وثبت في الصحيحين من حديث أنس أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لأبي بكر وهما في الغار: ما ظنك باثنين الله ثالثهما. والأحاديث في كونه كان معه في الغار كثيرة، شهيرة، ولم يشركه في هذه المنقبة غيره (3).
(رؤيا قلبت هذه المنقبة إلى مثلبة) قال الشيخ المفيد طاب ثراه: رأيت في المنام سنة من السنين كأني قد اجتزت في بعض الطرق فرأيت حلقة دائرة فيها ناس كثير، فقلت: ما هذا؟ قالوا: هذه حلقة فيها