ومن هذه الحوادث والأحاديث وأمثالها نلتمس عدة معالم واضحة لعدة حقائق وظواهر في المجتمع آنذاك كلها كانت تتظافر وتتظاهر ضد أمير المؤمنين عليه السلام، وكانت تشكل الجو العام الذي يكتنف حجة الوداع، وما أمر الله رسوله أن يبلغه فيها من أمر عظيم ثقيل على النفوس.
ومن الجدير أن نشير إلى بعض تلك الظواهر:
1 - إن العرب بصورة عامة كانوا حديثي عهد بالجاهلية، وأن الدين كان ثقيلا عليهم، وكان الكثير منهم قد دخلوا الإسلام كرها واضطرارا لغلبته على الجزيرة وكانت الولاية بصورة خاصة أثقل عليهم من جوانب الدين الأخرى.
2 - إن العرب بصورة عامة وقريش بصورة خاصة كانت تستثقل علي بن أبي طالب عليه السلام ودوره في تثبيت دعائم الإسلام وبسط نفوذه، وتقوية ظهر الرسول صلى الله عليه وآله والذب عنه.
وأن الكثير من القبائل كانت تحقد عليه وتشعر أنها موتورة بأبطالها الذين قتلهم، وقريش كانت كذلك.
3 - إن العرب بصورة عامة وقريش بصورة خاصة كانت تتضايق في أن يستمر عز بني هاشم وأن تجتمع الخلافة مع النبوة فيهم، وأن تبقى الإمامة فيهم إلى يوم القيامة.
4 - إن بعض الصحابة كانوا يتوقون ويتطلعون دائما بل ويتحسرون أن يشاركوا الإمام ببعض منزلته وخصائصه وأدواره.
ويبدو أن بعضهم كان يعمل من أجل أن تكون له بعض أدوار الإمام، وربما كان يعمل لأن يقدم بعض المقدمات التي تسهل عليه ادعاءها له أو تجعل من الممكن الالتفاف عليها واحتوائها.