أختار على من اختارني أحدا، قالا: زدتنا على النصف وأحسنت.
فدعاه صلى الله عليه وآله، فقال: هل تعرف هؤلاء؟ قال: نعم، هذا أبي وهذا عمي.
قال صلى الله عليه وآله: فأنا من قد علمت وقد رأيت صحبتي لك فاخترني أو اخترهما.
فقال زيد: ما أنا بالذي أختار عليك أحدا، أنت مني بمكان العم والأب.
فقالا: ويحك يا زيد، أتختار العبودية على الحرية، وعلى أبيك وعمك وأهل بيتك.
قال: نعم، إني قد رأيت من هذا الرجل ما أنا بالذي أختار عليه أحدا.
فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك أخرجه إلى الحجر، فقال:
يا من حضر، اشهدوا أن زيدا ابني أرثه ويرثني.
فلما رأى أبوه وعمه ذلك طابت أنفسهما فانصرفا، فدعي زيد بن محمد حتى جاء الله بالإسلام فزوجه النبي صلى الله عليه وآله زينب بنت جحش، فلما طلقها تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله، فتكلم المنافقون في ذلك، فقالوا:
تزوج امرأة ابنه، فنزل: * (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم) * (1) الآية، وقال تعالى: * (ادعوهم لآبائهم) * (2)، فدعي يومئذ زيد بن حارثة.
وكان بين رسول الله صلى الله عليه وآله وبين زيد عشر سنين، ورسول الله صلى الله عليه وآله أكبر منه.