فوقف بوجه مروان يقرأ عليه الآية: * (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم) * (1)، فشكاه مروان من هذا التصرف، فأرسل الخليفة إليه مولى له ينهاه، فقال أبو ذر رضي الله عنه: أينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله؟
وكانت هذه بداية معارضته لسياسة عثمان في العطاء حيث كان يعطي البعض ويقطع عن البعض الآخر، والذين يأخذون منه كانوا يتقاصون في العطاء، فأراد عثمان أن يتخلص منه فأرسله إلى الشام.
وفي الشام لم يهدأ أبو ذر لحظة واحدة فقد وجد معاوية يسرف في أموال المسلمين في بناء القصور، ويتصرف في بيت المال وكأنه من ماله الخاص، فتلعلع صوت أبي ذر في وجه معاوية كأنه السيف البتار، فخاف معاوية على نفسه وعلى أهل الشام فأرسله إلى المدينة، وفي المدينة أخذ يواصل رسالته في مقاومة الاستئثار والإسراف في مال المسلمين.
وكان رضي الله عنه يقول: بشر الأغنياء بمكاو من نار تكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم، فاجتمع حوله كل مؤمن وكل فقير، وأصبح يشكل خطرا يهدد السلطة.
وروي: أن أبا ذر دخل على عثمان وكان عليلا متوكئا على عصاه وبين يدي عثمان مائة ألف درهم قد حملت إليه من بعض النواحي وأصحابه حوله ينظرون إليه ويطمعون أن يقسمها فيهم، فقال أبو ذر لعثمان: ما هذا المال؟ فقال عثمان: مائة ألف درهم حملت إلي من بعض النواحي أريد أن أضم إليها مثلها ثم أرى فيها رأيي؟ فقال أبو ذر رضي الله عنه لعثمان: يا عثمان، أيما أكثر مائة ألف