فيه متعارفا حتى أن الرجل يستظل بناقته من شدة الحرارة، ويضع رداءه تحت قدميه من شدة الرمضاء، وصعوده صلى الله عليه وآله على منبر من الأقتاب والدعاء لعلي عليه السلام على وجه يناسب لشأن الملوك والخلفاء وولاة العهد تقطع بأن ذلك لم يكن إلا لنزول الوحي الايجابي الفوري لإظهار أمر عظيم الشأن، جليل القدر، يختص بعلي عليه السلام دون سائر أهل البيت عليهم السلام، كنصبه للإمامة والخلافة، واختصاصه بصفة النبالة والشرافة، لا لمجرد طلب المحبة والنصرة، وأمثالهما المعلومة بديهة للبررة والفجرة، سيما مع قوله صلى الله عليه وآله: " ألست أولى بكم من أنفسكم؟ " فإنه نص صريح في إرادة رئاسة الدين والدنيا، وقول عمر:
بخ بخ، إلخ.
وبهذا ظهر أن ما ذكر الفاضل القوشجي وأجيب بأنه غير متواتر إلى آخر ما قال في " شرحه على تجريد العقائد " بعيد عن الانصاف.
وأنا لشديد التعجب من أهل السنة فإنهم إذا رأوا رواية الأخبار من متقدمي محدثيهم دالة على إمامة علي عليه السلام مع كونها متواترة ومتفقا عليها بين الفريقين، كحديث الغدير والمنزلة وما ضاهاهما ينكرون تواترها وحجيتها بسبب عدم ذكرها بعض متأخري محدثيهم الذي تفطن بدلالتها على مطلوب الإمامية للعصبية!
وليت شعري كيف يقبلون روايتهم في ما سوى ذلك مع كونها غير متواترة وغير متفق عليها بين الفريقين، بل غير متفق عليها بينهم أيضا نقلا ودلالة وسندا؟! فوالله لا عيب أشد من الجهل، ولا داء أضر من خفة العقل، ولا فساد أعظم من التعصب، ولا مرض أكبر من التغلب والتقلب.