إن هذه الآيات بشهادة ما تليها تبين حال كفار قريش ومشركي مكة الذين أشعلوا فتيل الحرب في بدر. فقال: (إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله) أي منعوا الآخرين من الاهتداء بهدى الإسلام، فهؤلاء أضل أعمالهم، أي أحبط أعمالهم وجعلها هباء منثورا. فلا ينتفعون من صدقاتهم وعطياتهم إشارة إلى غير واحد من صناديد قريش الذين نحروا الإبل في يوم بدر وقبله.
فيقابلهم المؤمنون كما قال: (والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم).
فلو أنه سبحانه أضل أعمال الكافرين وأحبط ما يقومون به من صدقات، لكنه سبحانه من جهة أخرى جعل صالح أعمال المؤمنين كفارة لسيئاتهم وأصلح بالهم.
فشتان ما بين كافر وصاد عن سبيل الله، يحبط عمله.
ومؤمن بالله وبما نزل على محمد، يكفر سيئاته بصالح أعماله.
ومن هذا التقابل علم مكانة الكافر والمؤمن، كما علم نتائج أعمالهما.
ثم إنه سبحانه يدلل على ذلك بأن الكافرين يقتفون أثر الباطل ولذلك يضل أعمالهم، وأما المؤمنون فيتبعون الحق فينتفعون بأعمالهم، وقال: (ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم).
وفي ختام الآية الثانية، قال: (كذلك يضرب الله للناس أمثالهم) أي كذلك يبين حال المؤمن والكافر ونتائج أعمالهما وعاقبتهما.
وعلى ذلك فالآية ليست من قبيل التمثيل، بل بمعنى الوصف، أي كذلك يصف سبحانه للناس حال الكافر والمؤمن وعاقبتهما. فليس هناك أي تشبيه