امتعضت قريش من ذلك امتعاضا شديدا، فقال عبد الله بن الزبعرى: يا محمد أخاصة لنا ولآلهتنا أم لجميع الأمم؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " هو لكم و لآلهتكم ولجميع الأمم ".
فقال: خصمتك ورب الكعبة، ألست تزعم أن عيسى بن مريم نبي وتثني عليه خيرا، وعلى أمه، وقد علمت أن النصارى يعبدونهما، وعزير يعبد، والملائكة يعبدون، فإن كان هؤلاء في النار، فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا معهم، ففرحوا وضحكوا. (1) وإلى فرحهم وضجتهم، يشير سبحانه بقوله: (إذا قومك منه يصدون) حيث زعموا أنهم وجدوا ذريعة للرد عليه وإبطال دعوته، فنزلت الآية إجابة عن جدلهم الواهي، قال سبحانه:
(ولما ضرب ابن مريم مثلا) أي لما وصف المشركون ابن مريم مثلا وشبها لآلهتهم (إذا قومك منه يصدون) أي أحس قومك في هذا التمثيل فرحا وجذلا وضحكا لما حاولوا إسكات رسول الله بجدلهم، حيث قالوا في مقام المجادلة: (وقالوا أآلهتنا خير أم هو) يعنون أآلهتنا عندك ليست بخير من عيسى، فإذا كان عيسى من حصب النار كانت أآلهتنا هينا.
وبذلك يعلم أن المشركين هم الذين ضربوا المثل حيث جعلوا المسيح شبها ومثلا لآلهتهم، ورضوا بأن تكون آلهتهم في النار إذا كان المسيح كذلك ازداد فرح المشركين وظنوا أنهم التجأوا إلى ركن ركين أمام منطق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
ثم إنه سبحانه يشير في الآيات السابقة إلى القصة على وجه الإجمال،