السؤال إذا طلب مني الأرقام والأمثلة من الحوادث والوقائع المحسوسة الملموسة. ولدى الجواب الكافي الشافي على أن هذا العلم ممكن في حد ذاته، وغير مستحيل في طبيعته، ومتى أثبتنا الامكان يصبح الوقوع سهلا يسيرا. والعقل لا يرى اية استحالة في هذا الكشف، لان المحال في نظر العقل هو مبدأ التناقض، أي ان يتصف الشئ بصفة ونقيضها في آن واحد، والكشف لا يستدعي شيئا من ذلك، وقد قال ابن سينا: كل ما قرع سمعك فذره في بقعة الامكان حتى يذودك عنه واضح البرهان.
ومجرد الاستبعاد لا يصلح برهانا على شئ، فان الانسان لو لم ير الراديو لنفاه واستنكره، والقلب السليم أشبه بالراديو السليم، فكما أن الراديو يلتقط الصوت كما هو دون تغيير وتبديل في كلمة أو حرف أو نقطة أو حركة، وكما أن آلة التصوير ترسم مناظر الطبيعة دون تحريف وتزييف إذا كانت صحيحة فمن الممكن أن يشاهد القلب الطاهر الزكي الواقع على ما هو عليه في حقيقتة دون زيادة أو نقصان، ومن هنا قال الإمام علي بن أبي طالب:
لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا.
وكما أن الراديو لا يلتقط الصوت الا بعد اجراءات، وتوافر جميع الشروط، بحيث إذا حصل له أدنى خلل توقف عن الالتقاط كذلك القلب لا يشاهد الحقيقة الا بعد الجهد والاجتهاد من اجل صفائه وخلاصه من كل شائبة تقف حاجزا بينه وبين رؤية الحق، فإذا ما تدنس بالرذائل والأرجاس احتجب عنه نور الحق، قال الإمام علي بن طالب: من قارف