اما ان نغرق في المادة إلى ما فوق الآذان، ثم نقيس أنفسنا بأهل الطهر والايمان فإنه قياس مع الفارق، وتشبيه للضد بالضد، اما تصوف الغزالي فهو النسك والزهد في الدنيا بعد أن أقبلت عليه، تصوف يحده الايمان بالله والعمل المنزه عن كل غاية من من الغايات المشينة، لا تصوف الذين تظاهروا بالزهد في الدنيا بعد أن زهدت بهم، ولبسوا الخرق والمرقعات، وتشبهوا بالأولياء، ليتبرك بهم البلهاء.
لماذا اتجه الغزالي إلى القلب؟
بقي أن نتساءل: لماذا اتجه الغزالي إلى القلب. واتخذ منه محورا لاهتمامه؟
الجواب ان الغزالي اتجه إلى القلب لأسباب:
(1) ان في قلب كل انسان استعدادا لان يكون أديبا، ولا يكون تاجرا، فإذا تغلبت الشهوات على القلب كان شيطانا، وإذا تغلب القلب عليها كان ملاكا، ونرمز بالملاك إلى سيطرة الفضيلة على الرذيلة، وبالشيطان إلى استبداد الرذيلة وتحكمها، فاجتهد الغزالي ان يكون القلب هو الغالب والمنتصر، ومتى انتصر القلب على الكذب والطمع والرياء، وما إلى ذلك من أمهات الرذائل كان ما يحس به ويشعر حقا وصدقا.
(2) ان أكثر اعمال الانسان الاعتيادية التي تحدث أثناء