حياته اليومية مصدرها القلب لا العقل، لأنها تنبعث عن الرضا والغضب، واليأس والرجاء، والامن والخوف، وكل هذه من صفات القلب، أما العقل فهو أصل القضايا الفنية، والمخترعات العلمية، وإذا كان له من شأن وأثر في غير قضايا العلم فهذا الأثر العقلي لا يتعدى تزيين الألفاظ، ونظم الأقيسة، وتنميق الخطب للتأثير على السامعين، ولو إلى حين الانتهاء من الالقاء، وان أبيت الا أن تجعل اثرا ما للعقل في غير قضايا العلم فنؤكد لك ان هذا الأثر يقف عند النظريات، ولا يتجاوزها إلى الاعمال الاعتيادية والخلقية، تماما كسلطة التشريع بالقياس إلى سلطة التنفيذ، فالعقل هو المشرع، والعاطفة هي المنفذ، وان استجابت للعقل، والا فنظرياته صرخة في واد.
والدلالة الصادقة الواضحة على هذه الحقيقة اننا نؤمن نظريا بان هذا الشئ حق، ثم نهمله ونتجاهله، ونعتقد نظريا بأن ذاك باطل، ثم نفعله ونقدسه والسر أن الانسان خاضع في اعماله لمنطق العاطفة لا لمنطق العقل، ولا لمنطق الدين، الا إذا تحول الدين إلى العاطفة. اجل ان الانسان أو العديد من افراد الانسان يتخيلون انهم يسيرون في اعمالهم بوحي العقل والدين، ولكنهم في الواقع مسيرون باملاء الهوى والغرض، وفي نفس الوقت يفسرون اعمالهم العاطفية بأوهامهم العقلية، ويخلطون بين حقيقة الدين، وبين ما يتراءى لهم انه من الدين، وتتجلى هذه