فهلم معي ننظر من كثب إلى مثال فذ بذ أوحدي من أولئك الفئام، وإلى أشواطه البعيدة، وخطواته الواسعة، ونهضته العلمية بمفرده كأنه أمة واحدة.
ليس على الله بمستنكر أن يجمع العالم في واحد ألا وهو شيخنا الأكبر حجة الشيعة، وآية الشريعة، المدافع الوحيد عن ناموس الدين والمذهب، مولانا الأجل الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي صاحب (الغدير) الأغر، حياه المولى سبحانه وبياه.
تراه منذ ردح من الزمن تتوالى رحلاته إلى أرجاء العالم الإسلامي لا يطمئن له قرار ولا يستقر له مبوأ، تلتف عليه أينما حل، وحيثما نزل، زمر من أبناء الدين الحنيف من أي فرقة كان، وبأي مذهب اعتنق، فيستفيدون من علمه الجم وفضله الكثير، كأنه مدرسة سيارة تحوي صنوف علوم المذهب، وصفوف معالم أهل البيت الطاهر، ودروس الولاية الكبرى العالية المتخذة من الكتاب والسنة.
ومقالاته وخطاباته المبثوثة في بلاد إيران: عاصمتها طهران، وخراسان، وأصفهان، وكرمانشاهان، وغيرها مما قرطت به آذان عشرات آلاف من رجال العلم والدين، ومواقفه المشكورة الخالدة في صفحة التاريخ، وخطواته الواسعة في بث الدعاية الدينية في بلاد الهند وعواصمها دوخ صيتها الأقطار، وشاعت وذاعت في تلكم الديار.
وحديث رحلته الأخيرة إلى أرباض سورية سنة (1384 ه) لو جمعت نوادره وشتاته وألفت مقالاته ومقاماته، وسجلت رسالاته وخطاباته، ليأتي كتابا مفردا مفعما بالطرائف والظرائف.
أقام شيخنا الأعظم في أرجاء سورية أربعة أشهر، مستفيدا من مكتبات دمشق وحلب الشهباء الضخمة الفخمة، وقد أخذ أبناء تلك الأمة العربية المسلمة وأساتذتها ورجالها النبلاء، دروسا عالية ناجعة