من ظنك والله ولي كل خير، ثم امض على بركة الله تعالى واكتب إلي بما تستمده من جهتي في رأي ومؤنة فإني متشوق إلى ما يصلني من خبرك حفظك الله ونصرك وأحسن العون لمن معك.
فأجابه: بسم الله الرحم الرحيم من أسامة بن زيد مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أبي بكر ابن أبي قحافة أما بعد، فإن كتابك جائني بما ينقض فيه الأخير الأول ويخالف القول فيه الفعال، فتصفحته تصفح معجب مسلما إلى مشيئة الله تعالى في ساير الأمور، فسبحان الله من عجيب الغيب ولا عجب من أمر الله تعالى، يا عجبا لك أتكتب في صدر كتابك من خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتشهد أن المسلمين استخلفوك وما كان لك أن تستخلف بأمر المسلمين فإن الخلافة ليست بمردودة إلى المسلمين ليستخلفوا عليهم من يريدون، إنما ذلك بالنص وبرضى الشورى، فإذ اجتمعوا على واحد منهم كان لله فيه رضى وإذا وقع النص سقطت الشورى، فإن كنت قد نسيت نص النبي (صلى الله عليه وآله) على غيرك فقد كان يجب عليك أن تجتمع مع إخوانك المشاركين لك في هذا الأمر وتشاورهم حتى يستقر لك على ما تريد منهم ومنك، فإن لم تكن فعلت ذلك فقد غششت نفسك وخنت أمانتك ودينك فكيف يستخلفك رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو قد نفذك معي في البعث إلى " مؤتة " ويؤمرني عليك ويأمرك بالسمع لي والطاعة، ترى ألم يعلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه يموت وقد قال: اكتب لكم ما لا تختلفون بعدي، وقد نصها في علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو الآمر عليك لا يحل لك أن تتطاول لها، فكيف وأنت تحت أمري وكتابك يشهد عليك، وقد سألتني في أن آذن لعمر في القعود عندك ويا سبحان الله تعالى ما أعجب قولك إنك لا تحب أن تفتح نظرك فيما يخالف رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنت في كل الأمور على خلاف رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ألم يأمرك بالخروج معي؟!
ألم يبعثك إلى المسير في حملتي؟!
ألم تدخل أنت وعمر لعيادته فلما رآكما أنكر تخلفكما عن الخروج إلى معسكري حتى اعتذرتما بالاستعداد وسألتماني النظرة يومين أو ثلاثة، ثم أنفذت إليكما من يزعجكما بمثل ذلك ودخلتما إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقول: نفذوا جيش أسامة، يكرر ذلك في الساعة الواحدة دفعات، حتى خرج أحدكما في بعض ذلك وهو يقول: إن محمدا ليهجر؟!
فكيف تدعي أنك لا تخالف أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنت تخالف أوامره (صلى الله عليه وآله) لك؟ أو ما تستحيي من تقدمك على أهل بيته وهو يقدمهم ويؤخرك بفضلهم وتقصيرك، ويؤمرهم عليك ولا أهل بيته يؤمرك عليهم؟!