كان بالجرف نزل ومعه أبو بكر وعمر وأكثر المهاجرين ومن الأنصار أسيد بن خضير وبشير بن سعد وغيرهما من الوجوه، فجاءه رسول أم أيمن يقول له أدخل فإن رسول الله يموت فقام من فوره فدخل المدينة واللواء على رأسه فجاء به حتى ركزه في باب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد مات (صلى الله عليه وآله) في تلك الساعة.
قال: فما كان أبو بكر وعمر يخاطبان أسامة إلى أن ماتا إلا بالأمير (1).
الثاني: ابن أبي الحديد في الشرح قال: لما مرض رسول الله (صلى الله عليه وآله) مرض الموت دعا أسامة بن زيد بن حارثة فقال سر إلى مقتل أبيك فأوطئهم الخيل فقد وليتك على هذا الجيش فإن أظفرك الله بالعدو فأقلل اللبث وبث العيون وقدم الطلائع فلم يبق أحق من وجوه المهاجرين والأنصار إلا كان في ذلك الجيش منهم أبو بكر وعمر، فتكلم قوم فقالوا يستعمل هذا الغلام على جلة المهاجرين والأنصار فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما سمع ذلك وخرج عاصبا رأسه فصعد المنبر وعليه قطيفة فقال:
أيها الناس ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة، لأن طعنتم في تأميري أسامة لقد طعنتم في تأميري أباه من قبله وأيم الله إنه كان لخليقا بالإمارة وإن ابنه من بعده لخليق بها وإنهما لمن أحب الناس إلي فاستوصوا به خيرا فإنه من خياركم، ثم نزل فدخل بيته وجاء المسلمون يودعون رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويمضون إلى عسكر أسامة بالجرف، وثقل رسول الله (صلى الله عليه وآله) واشتد ما يجده فأرسل بعض نسائه إلى أسامة وبعض من كان معه يعلمونهم ذلك، فدخل أسامة من عسكره والنبي (صلى الله عليه وآله) مغمور وهو اليوم الذي كدوه فيه فطأطأ أسامة عليه وقبله ورسول الله (صلى الله عليه وآله) قد اسكت فهو لا يتكلم، فجعل يرفع يديه إلى السماء ثم يضعها على أسامة كالداعي له، ثم أشار إليه بالرجوع إلى عسكره والتوجه إلى ما بعثه فيه، ورجع أسامة إلى عسكره ثم أرسل نساء رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أسامة يأمرنه بالدخول ويقلن أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أصبح بارئا، فدخل أسامة من عسكره يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول فوجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) مفيقا فأمره بالخروج وتعجيل التعود وقال: اغد على بركة الله، وجعل يقول: أنفذوا بعث أسامة، ويكرر ذلك، فودع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخرج ومعه أبو بكر وعمر فلما ركب جاءه رسول أم أيمن فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يموت، فأقبل ومعه أبو بكر وعمر وأبو عبيدة فانتهوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى زالت الشمس من هذا اليوم وهو يوم الاثنين وقد مات واللواء مع بريدة بن الحصيب، فدخل باللواء فركزه عند باب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو مغلق وعلي (عليه السلام) وبعض