من الغد غدا النبي (صلى الله عليه وآله) بيمينه علي وبيساره الحسن والحسين ومن ورائهم فاطمة (عليها السلام) عليهم النمار النجرانية (1)، وعلى كتف رسول الله (صلى الله عليه وآله) كساء قرقف رقيق خشن ليس بكثيف ولا لين فأمر بشجرتين فكسح ما بينهما ونشر الكساء عليهما وأدخلهم تحت الكساء وأدخل منكبه الأيسر معهم تحت الكساء معتمدا على قوسه النبع ورفع يده اليمنى إلى السماء للمباهلة وأشرف الناس ينظرون وأصفر لون السيد والعاقب وكرا حتى كان أن يطيش عقولهما، فقال أحدهما لصاحبه: أنباهله؟
قال: أو ما علمت أنه ما باهل قوم قط نبيا فنشأ صغيرهم أو بقي كبيرهم، ولكن أره إنك غير مكترث وأعطه من المال والسلاح ما أراد فإن الرجل محارب، وقل له أبهؤلاء تباهلنا لئلا يرى أنه تقدمت معرفتنا بفضله وفضل أهل بيته، فلما رفع النبي (صلى الله عليه وآله) يده إلى السماء للمباهلة قال أحدهما لصاحبه وأي رهبانية دارك الرجل فإنه إن فاه بهبلة لم نرجع إلى أهل ولا مال فقالا: يا أبا القاسم أبهؤلاء تباهلنا قال: " نعم هؤلاء أوجه من على وجه الأرض بعدي إلى الله عز وجل وجهة وأقربهم إليه وسيلة " قال: فبصبصا - يعني ارتعدوا وكرا - وقالا له: يا أبا القاسم نعطيك ألف سيف وألف درع وألف حجفة وألف دينار كل عام على أن الدرع والسيف والحجفة عندك إعارة حتى يأتي من ورائنا من قومنا فنعلمهم بالذي رأيناه وشاهدناه فيكون الأمر على ملأ منهم فأما الإسلام، وإما الجزية وإما المقاطعة في كل عام، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) " قد قبلت ذلك منكم أما والذي بعثني بالكرامة لو باهلتموني بمن تحت الكساء لأضرم الله عز وجل عليكم الوادي نارا تأجج تأججا حتى يساقها إلى من ورائكم أسرع من طرفة عين فأحرقتهم " فهبط عليه جبرائيل الروح الأمين فقال: يا محمد الله يقرئك السلام ويقول لك وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لو باهلت بمن تحت الكساء أهل السماوات وأهل الأرض لسقطت السماء كسفا متهافتة ولتقطعت الأرضون زبرا سائحة فلم يستقر عليها بعد ذلك فرفع النبي (صلى الله عليه وآله) يديه حتى رأي بياض إبطيه ثم قال وعلى من ظلمكم حقكم وبخسني الأمر الذي افترضه الله فيكم عليهم بهلة الله تتابع إلى يوم القيامة (2).
الحديث السابع: ابن بابويه قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب وجعفر بن محمد ابن مسرور (رضي الله عنه) عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن الريان بن الصلب عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في حديثه (عليه السلام) مع المأمون والعلماء في الفرق بين العترة والأمة وفضل العترة على الأمة واصطفاء العترة وذكر الحديث بطوله والحديث قالت العلماء: هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضا (عليه السلام): " فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موضعا وذكر