شأن من الشأن تنام عيناه، ولا ينام قلبه يأكل الهدية ولا يقبل الصدقة له حوض من شفير زمزم إلى مغيب الشمس حيث يغرب فيه شرابان من الرحيق والتسنيم فيه أكاويب عدد نجوم السماء من شرب منه شربة لم يضمأ بعدها أبدا وذلك بتفضلي إياه على سائر المرسلين.
يوافق قوله فعله وسريرته علانيته فطوبى له وطوبى لأمته الذين على ملته يحيون وعلى سنته يموتون ومع أهل بيته يميلون آمنين مؤمنين مطمئنين مباركين ويظهر في زمن قحط وجدب فيدعوني فترخي السماء عزاليها حتى يرى أثر بركاتها في أكنافها وأبارك فيما يضع فيه يده قال:
" إلهي سمه " قال: نعم، هو أحمد وهو محمد رسولي إلى الخلق كافة وأقربهم مني منزلة وأحضرهم عندي شفاعة لا يأمر إلا بما أحب وينهى لما أكره قال له صاحبه فأين تعدينا على من هذه صفته قال: نشهد أحواله وننظر أيامه، فإن يكن هو هو ساعدناه بالمسالمة ونكفه بأموالنا عن أهل ديننا من حيث لا يشعر بنا، وإن يكن كاذبا كفينا بكذبه على الله عز وجل قال: ولم إذا رأيت العلامة لا تتبعه قال: أما رأيت ما فعل بنا هؤلاء القوم أكرمونا ومولونا ونصبوا لنا الكنائس واعلوا فيه ذكرنا، فكيف تطيب النفس بالدخول في دين يستوي فيه الشريف والوضيع.
فلما قدموا المدينة قال من رآهم من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما رأينا وفدا من وفود العرب كانوا أجمل منهم لهم شعور وعليهم ثياب الحبر، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) متنائي عن المسجد وحضرت صلاتهم فقاموا فصلوا في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) تلقاء المشرق فهم بهم رجال من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمنعهم، فأقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: " دعوهم " فلما قضوا صلاتهم جلسوا إليه وناظروه فقالوا: يا أبا القاسم حاجنا في عيسى قال: " هو عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه " فقال أحدهما: بل هو ولده وثاني اثنين، وقال آخر: بل هو ثالث ثلاثة أب وابن وروح القدس، وقد سمعناه في قرآن نزل عليك يقول فعلنا وجعلنا وخلقنا، ولو كان واحد لقال: خلقت وجعلت وفعلت فتغشى النبي (صلى الله عليه وآله) الوحي فنزل عليه صدر سورة آل عمران إلى قوله رأس الستين منها * (فمن حاجك فيه من بعد ما جائك من العلم فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم) * إلى آخر الآية فقص عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) القصة وتلا عليهم القرآن فقال بعضهم لبعض قد والله أتاكم بالفضل من خبر صاحبكم، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إن الله عز وجل قد أمرني بمباهلتكم ".
فقالوا: إذا كان غدا باهلناك، فقال القوم بعضهم لبعض: حتى ننظر بما يباهلنا غدا بكثرة اتباعه من أوباش الناس أم بالقلة من أهل الصفوة والطهارة، فإنهم وشج الأنبياء وموضع نهلهم، فلما كان