وتمكين المؤذي من الأذى والجهل، فلو لم يخلق المعصوم الذي يمكن معه تحصيل الفوائد الدنيوية والأخروية، والخلاص من العذاب وتحصيل النعيم، وقهر القوى الشهوية والغضبية وإبليس لنا في رحمته إذ هذه الأشياء، موجبات الهلاك والإمام المعصوم منج منها والرحيم هو الموقى من أسباب الهلاك.
الخامس والستون: هذه الآية هي قوله تعالى: * (والله غفور رحيم) * وقوله تعالى: * (الرحمن الرحيم) * وقوله تعالى: * (كتب ربكم على نفسه الرحمة) * كل ذلك يدل على نفي عذر المكلف في ترك المكلف به وإهماله مع إتيان الله تعالى بجميع ما ينبغي له أن يأتي به مما يتوقف عليه فعل المكلف من القدرة والعلوم والألطاف المقربة والمبعدة المعارضة للقوى الشهوية والغضبية واللذات والنفرة والآلام، ولا أهم في ذلك من المعصوم في كل زمان، إذ مع نفيه لا يعتمد المكلف على قول غيره ولا تحصل له العلوم الواجبة من السنة والكتاب بجميع الأحكام، وكان الله تعالى انتسب منه إلى وجه ما، ولكن لا تجويز النسبة إليه تعالى بنفيه القدرة والشهوة والنفرة وإلا لارتفع التكليف لعدم الكلفة ولزوم الالجاء وغير ذلك لا يجوز، وإلا لم يحسن المبالغة، وإنما يحسن مع كونه من المكلف من كل وجه إلا ما ليس من فعله ويتوقف عليه التكليف.
السادس والستون: انتفاء الإمام المعصوم في عصر ما ملزوم للمحال بالضرورة فهو محال، فانتفاء الإمام المعصوم في عصر ما محال، وإذا استحال صدق السالبة الجزئية وجب صدق الموجبة الكلية، فيجب وجوده في كل عصر، أما الكبرى فظاهره، وأما الصغرى فلاستلزام انتفائه ثبوت الحجة للمكلف على الله تعالى في وقت ما (1) لمشاركة المعصوم النبي في المطلوب إذ النبي يراد منه العلم بالأحكام ولتقريب والتبعيد وهما موجودان في الإمام