كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ١٠٤
السادس والسبعون: قوله تعالى: * (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور) * وجه الاستدلال به من وجهين:
الأول: إن هذه عامة في كل الأوقات والظلمات أما الأول فبالإجماع، وأما الثاني فلوجوه، إحداها: اشتراك كل ظلمة في هذا الوصف المقتضي للاخراج منها والتنزيه عنها، وثانيها: إنه ذكرها في معرض الامتنان، وثالثها: إنه جمع معرف بالألف واللام وقد بينا في الأصول عمومه، فدل على ثبوت المعصوم في كل عصر فيستحيل أن يكون الإمام غيره.
الثاني: إن كرم الله تعالى ورحمته يقتضي جعل طريق يوصل إلى ذلك لمن رامه من المؤمنين وليس إلا المعصوم فيجب في كل عصر (1).
السابع والسبعون: قوله تعالى: * (الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا) * هذه تحذير من متابعة أمر الشيطان فيجب الاحتراز عنه وترغيب في اتباع أوامر الله تعالى ونواهيه، ولا يحصل

(1) توضيح الاستدلال بهذه الآية الكريمة أن نقول: إن الله سبحانه نسب الاخراج إليه مع أننا نجد الكثير من الفرق راكسين في ظلمات الضلالة كما يشير إلى ذلك الحديث النبوي " ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة " فمن هنا يعلم أنه تعالى أراد من الاخراج تهيئة الأسباب بإقامة الطرق التي باتباعها الاخراج ولا شك أن طريق الاخراج في عهد الرسول صلى الله عليه وآله هو الرسول، ومقتضي عموم وجود طرق أخرى بعده.
فإن قيل: إن الطريق بعده شريعته ولها الأثر في الأزمنة المتتالية قلنا لو كان الأثر للشريعة وحدها لما اختلفت الأمة وسلكت كل فئة واديا، أليس الافتراق حدث بعد الرسول مع وجود الشريعة، فإذن لا بد من طرق أخرى بعد صاحب الشريعة ناطقة لا تقبل التأويل والتبديل، وبنور هدايتها الوضاء تخرج الناس من ظلمات الضلالة، وتلك الطرق إن أخطأت مرة وأصابت أخرى لم يحصل الاخراج، وإنما الاخراج بالطرق المصيبة دوما، الموصلة أبدا، وهل هو إلا الإمام المعصوم.
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»
الفهرست