كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ١٠٣
الأهوية والفساد الكلي فلا ينتفي إلا بنصب الله تعالى عز وجل للرئيس ويستحيل من الله تعالى تحكيم غير المعصوم، ولأن غير المعصوم يحصل منه الجواز، وفيه إثارة للفتن والفساد الكلي والاضطراب.
الرابع والسبعون: قوله تعالى: * (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومسجد يذكر فيها اسم الله كثيرا) * وجه الاستدلال به أنه يدل على نصب الله الرئيس بعد النبي صلى الله عليه وآله لأنه حافظ للمساجد والصلوات ومقرب إلى الطاعات ومبعد عن المعاصي بعد تقريرها وذلك هو الإمام المعصوم لما تقدم من التقرير.
الخامس والسبعون: قوله تعالى: * (قد تبين الرشد من الغي) * وجه الاستدلال إن كل ما يطلق عليه رشد وصواب قد اشترك في هذا الوصف الموجب لبيانه وظهوره وتميزه من الخطأ، وكذلك الغي قد اشترك في هذا الوصف الموجب لوجوب بيانه وإظهاره، فترجيح البعض محال لأنه في معرض شيئين:
أحدهما: نفي عذر المكلف مطلقا.
الثاني: الامتنان، ولا يحصل الأول ولا يحسن الثاني إلا بالكلي وليس ذلك الشئ من الكتاب والسنة وحدهما وهو ظاهر لما تقدم، فتعين المعصوم في كل زمان وهو ظاهر وهو مطلوبنا، ولا يقال قوله تعالى فيه تبيانا لكل شئ ينافي ذلك لأنا نقول إنه لا يحصل منه إلا لمن علم يقينا مجملاته ومجازاته ومضمراته ومشتركاته ولا يعلم ذلك يقينا إلا الإمام المعصوم لا غيره إجماعا، فدل على ما ذكرتموه في كل زمان (1).

(1) ويمكن الاستدلال بهذه الآية الشريفة على وجوب الإمام ووجوده في كل زمان بتقريب آخر، وهوان الآية صريحة في أن الرشد بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وآله أصبح بينا عن الغي، والهدى عن الضلالة، ومع اختلاف الناس في الدين وتشتتهم فرقا فيما جاء به سيد المرسلين عليه وآله السلام لم يكن الرشد بينا عن الغي والهدي الضلالة وإلا لما وقع هذا الاختلاف، فيدور الأمر عندئذ بين أن تكون الآية غير صادقة، أو إنه تعالى ارتضى للناس ضلالهم وغيهم واعتبره رشدا وهدى أو أن هناك إماما في كل زمان يكون طريقا لتبيين الرشد من الغي والهدى من الضلالة وبنصبه تعالى له لهذه الغاية أخبر عز شأنه على سبيل الصدور والوقوع بأنه قد تبين الرشد من الغي والأمران الأولان مستحيلان فيتعين الثالث.
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»
الفهرست