كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ١٠٢
إليه تعالى، وإلا لزم الجبر وقد بينا بطلانه فيكون معصوما إذ غير المعصوم قد يأمر بالخطأ وهو ظاهر واقع، ومن يقف على أخبار الخلفاء والملوك المتواترة يكون ذلك مقررا عنده والخطأ لا يكون من الله تعالى، لا يقال لم لا يجوزان يكون ذلك إشارة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنه دل على رئيس مطلق ولم يدل على إمام فإنه في زمانه يحصل بوجوده، وبعد وفاته يحصل بشرعه وقوانينه الشرعية وأحكامه التي قررها سلمنا، لكن لا فاعل إلا الله تعالى فكان نصب الخلق للرئيس من فعله أيضا، سلمنا لكن فساد الأرض، إنما يقال عند وقوع جميع الأحكام خطأ وعدم رئيس تجاذب الأهوية واضطراب العالم ولا يلزم من نفي الكل النفي الكلي، لأنا نقول: أما الجواب عن الأول فنقول هذه الآية عامة في كل عصر إجماعا ولثبوت الملازمة المذكورة وانتفاء اللازم في كل زمان لأنه تعالى لا يريد إصلاح الأرض، ودفع فسادها في زمان دون زمان وإلا لزم الترجيح من غير مرجح، وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا بد من رئيس يقهر على اتباع أوامره ونواهيه، وإلا لزم المحال المذكور.
وأما عن الثاني: فقد بينا بطلان الجبر، وقولكم لا فاعل إلا الله اعذار لإبليس ونفي لفساد فعله واعذار للمكلف في صدور الخطأ منه، وينافيه القرآن المجيد في عدة مواضع، بل القرآن مشحون بإسناد الفعل إلى الآدمي، وذم الكفار وفاعل الظلم على ذلك، ثم كيف يتحقق العقاب؟
ولأنا قد بينا أن هذه تدل على عصمة الرئيس فإنه لا يصدر منه إلا الصلاح ولا يصدر منه ذنب لأنه فساد فيستحيل أن يكون منصوبا من الخلق.
وأما عن الثالث: فبوجهين: الأول: إن كل واحد من أنواع الفساد مراد لله تعالى ووقوع كل المصالح والعبادات مراد الله تعالى أيضا ويلزم من ذلك نصب المعصوم لاستحالة ما قلناه بدونه.
الثاني: إن ما ذكرتموه من نفي الكل لا يحصل إلا من المعصوم لأن ناصب الرئيس أما الله تعالى أو غيره، والثاني مستلزم للاضطراب وتجاذب
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»
الفهرست