كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٩٦
الأمارات والظنون فلا يكون الاختلاف بغيا، لكنه تعالى حكم بأن الاختلاف بغي وإن كان الثاني وأن لا يكون مقطوعا في متنه ودلالته بل يكون من قبيل مجملات والمجاز، فلا يتيقن طريق إلى العلم بأنواع الخطاب والعقل لا يصلح هنا وهو ظاهر، فبقي النقل ممن يحصل الجزم بقوله، ولا بد من طريق إلى الجزم بصدقه وبعلمه، وذلك هو المعصوم، وهو المطلوب والطريق إلى معرفة صدقه ومعرفة عصمته وأما بالمعجزات أو بنص من الله تعالى أو من النبي أو الإمام صريح على ذلك.
الثالث: قوله تعالى: * (من بعد ما جاءتهم البينات) * حكم بأن اختلافهم بعد مجئ البينات التي يمكنهم معها العلم اليقيني بذلك، وليس ذلك من الكتاب والسنة فيكون إشارة إلى المعصومين المؤيدين بالمعجزات والكرامات، فإن لم يعلموهم فلتقصيرهم في النظر العقلي في معجزتهم والنصوص الدالة عليهم والبراهين القطعية التي لا تحتمل النقيض.
الرابع: قوله تعالى: * (فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه) * إشارة إلى المعصومين (1) لأنا نعلم قطعا أنه لم يعلم جميع المتشابهات وجميع المؤولات يقينا إلا المعصوم.
الخامس: قوله تعالى: * (والله يهدي من يشاء إلى صرط مستقيم) * وذلك يدل على ثبوت المعصوم لأن الصراط المستقيم الذي لا يعتريه خطأ أصلا لا يحصل إلا من قول المعصوم.

(1) لعله طاب ثراه أراد أن المعصومين كانوا الطريق إلى هداية المؤمنين بإذنه سبحانه لأن غير المعصوم يجوز عليه الخطأ، فلا يكون طريقا لهداية المؤمنين بإذنه تعالى، وكيف يجعل تعالى طريقا إلى الهدى لا يصيب دائما.
وأما لو أراد أن المقصود من الذين آمنوا المعصومون، فللكلام فيه مجال لعموم الآية لكل مؤمن اهتدى بإذنه سبحانه سواء كان معصوما أو غير معصوم نعم إنما تدل على وجود المعصوم يقينا من الناحية التي أشرنا إليها، إذ أن المهتدي إلى الحق تماما إنما يكون من طريق المعصوم، ولا يحصل ذلك بغير المعصوم لجواز الخطأ على غير المعصوم، وكيف يكون الطريق الذي يجوز عليه الخطأ مأذونا منه سبحانه.
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»
الفهرست