كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٨٦
شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) * وجه الاستدلال إنه تعالى وصفهم بالعدالة المطلقة لأجل الشهادة على الناس، ولا بد أن يكون الشاهد منزها عن مخالفة رسوله في شئ أصلا حتى لا يكون للمشهود عليه لمخالفته حجة عليه ولا يكون كذلك إلا المعصوم (1).
الرابع والثلاثون: قوله تعالى: * (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة) * إلى قوله: * (هم المهتدون) * وجه الاستدلال إن إدخال الألف واللام على المحول مع ذكرهم في الموجبة يدل على انحصار المحمول في الموضوع، كما إذا قلنا زيد هو العالم يدل على انحصار العلم فيه، وقوله تعالى: * (أولئك هم المهتدون) * يدل على انحصار الهداية العامة، أعني في كل الأحوال وفي كل الأشياء فيهم، فيكون هذا إشارة إلى المعصومين من أمة محمد صلى الله عليه وآله وهم بعض الأمة وهو ظاهر، وإذا ثبت أن هاهنا معصوما فيستحيل وجود الإمامة في غيره، وهذه الآية عامة في كل عصر إجماعا، فيلزم وجود معصوم في كل عصر، ولأنه لا قائل بوجود معصوم غير النبي صلى الله عليه وآله في زمان دون زمان، لا يقال لو جعل المحمول طبيعة المهتدي لزم ما ذكرتم، لكنه ذكره بصيغة الجمع المعرف باللام، فإما أن يريد به بعض المهتدين ولا يتم دليلكم أو يريد به كل المهتدين، وهذا ممتنع، لأن القضية حينئذ تصير منحرفة موجبة محمولها مصور بألقاب الكلي، ومثل هذه القضية يمتنع صدقها لما بين في المنطق، وأيضا فلم لا يجوز أن يكون قوله تعالى هم المهتدون، وفي تلك القضية أي في الصبر لا مطلقا وعلى هذا يصح لأنا نجيب عن - الأول - إن مثل هذه القضية تصدق مع مساواة المحمول للموضوع

(1) بل يجوزان يكون كذلك العادل الذي لم يخالف الرسول عمدا - ولكن يمكن أن تستفيد العصمة منها بتقريب آخر، وهو أنه تعالى جعلهم - والجعل منه - بين منزلة الرسول ومنازل الناس، فلو كانوا كالناس لما استحقوا هذه المنزلة، ولو كانت الخطيئة تجوز عليهم لما كانوا أهلا لذلك الجعل، على أن الجعل منه يقتضي أن يكون المجعول مقبولا لديه في شهادته ومن يجوز عليه الخطأ قد يظلم الناس في ذلك، فلا بد أن يكون معصوما لئلا تضيع حقوق عباده بسببه.
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست