كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٨٩
بالضرورة. أما الصغرى فظاهرة فإنه لولا ذلك لانتفت فايدته، ولقوله تعالى: * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * فأوجب طاعته وكل من أوجب الله طاعته وجب أن يخشى منه لقوله تعالى: * (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) * وأما الكبرى فلأن غير المعصوم ظالم لصدور الذنب منه. وقال تعالى: * (فمنهم ظالم لنفسه وكل ظالم لا يخشى منه) * لقوله تعالى: * (إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم) * الآية لا يقال هذا قياس من الأول صغراه ممكنة، فإن غير المعصوم هو الذي يمكن أن يصدر منه الذنب ولا يشترط صدور الذنب بالفعل والقياس الأول الذي هو أصل الدليل من الشكل الثاني كبراه ليست ضرورية واختلاط الضرورية مع غيرها في الشكل الثاني لا نسلم أنه ينتج ضرورية لأنا نجيب عن الأول بأنه أما أن يصدر منه ذنب أولا، والثاني هو المعصوم، والأول هو غيره (1) سلمنا لكن قد بينا في علم المنطق أن الممكنة الصغرى في الأول تنتج وقد برهنا على خطأ المتأخرين فيه.
وعن الثاني: إنا قد بينا في كتبنا المنطقية انتاج الضرورية في الثاني مع غيرها ضرورية ولإمكان ردها إلى الضرورية، لأن الكبرى فيه ضرورية وبيانها ظاهر.
الحادي والأربعون: الإمام يزكيه الله تعالى قطعا يوم القيامة ولا شئ من غير المعصوم كذلك، فلا شئ من الإمام بغير معصوم، أما الصغرى فلقوله تعالى: * (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) * فقد زكاهم الله تعالى ويزكيهم الرسول والله يوم القيامة بقبول شهادتهم، وذلك إنما هو لامتثال أمر الله تعالى ونهيه والطاعات، فالإمام الذي هو مقرب لهم إلى الطاعة، ومبعد لهم عن

(1) لا تلازم بين عدم العصمة وارتكاب الذنب، فقد يجوز لغير المعصوم أن لا يرتكب ذنبا طيلة حياته، نعم إنما يجوز عليه الخطأ، فمن ثم لا يخشى من ردعه لجواز أن يكون ما ردع عنه غير محرم في الشريعة.
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»
الفهرست