كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٨٤
والمبشر يجب منه جميع الطاعات ويمتنع منه جميع المعاصي لأن قوله تعالى: * (وعملوا الصالحات) * للعموم للمقدمة الثانية ومن جملتها فعل ضد القبايح والامتناع منها، فيلزم عدم صدور شئ من القبايح منهم، ثم ثبوت الاستحقاق قبل الموافاة يدل على ثبوت سببها الموجب لما تقرر والعلم غير الكاف لأنه غير موجب لأنه، والسبب هو العصمة فوجب ثبوت العصمة الآن لقوم غير النبي صلى الله عليه وآله والناس بين قائلين منهم من لم يقل بثبوت المعصوم أصلا، ومنهم من قال بثبوته في كل عصر فلا قائل بثبوته في عصر دون عصر فيكون باطلا، وقد ثبت في وقته فثبت في كل عصر فيستحيل كون الإمام مع ثبوته، ويستحيل من الحكيم إيجاب طاعة غير المعصوم على المعصوم وغيره مع وجود المعصوم بضرورة العقل.
الحادي والثلاثون: قوله تعالى: * (قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) * الآية وجه الاستدلال إن الملائكة يستحيل عليهم الجهل المركب، وقد حكموا بأن وجود غير المعصوم يشتمل على مفسدة، فأجابهم الله تعالى بقوله: * (قال إني أعلم ما لا تعلمون) * معناه إن في وجوده من المصالح ما يقتضي ترجيح الوجود على العدم، فإذا كان وجود غير المعصوم يشتمل على مفسدة ما فيكون تحكيمه وتمكينه مع عدم معصوم يقربه ويبعده محض المفسدة القبيحة التي يستحيل صدورها منه تعالى، فلا يكون إماما، لا يقال هذا يدل على نقيض مطلوبكم، لأنه يدل على عدم عصمة آدم عليه السلام لأنه تعالى قال: * (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد) * إلى آخرها، والخليفة آدم، وقولهم إشارة إليه وإذا لم يكن النبي صلى الله عليه وآله معصوما فالإمام أولى أن لا يكون كذلك، لأنا نقول لا نسلم أنه يدل على عدم عصمة آدم عليه السلام، فإن قولهم:
* (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) * ليس إشارة إلى آدم وإنما هو إشارة من يلده آدم عليه السلام، إذ آدم عليه السلام لم يوجد منه فساد في الأرض ولا سفك دماء وهو ظاهر، ووجه الانكار أنهم عرفوا إن وجود آدم عليه السلام على وجه يحصل منه النسل والعقب المنتشر المتكثر مع عدم
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست