كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٨٥
عصمة أكثرهم مستلزم للمفسدة وهذا مما يؤكد امتناع تحكيم غير المعصوم.
الثاني والثلاثون: قوله تعالى: * (فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) * وجه الاستدلال يتوقف على مقدمات:
الأولى: إن هذا ترغيب في فعل أسباب نفي الخوف والحزن، وهو عام في كل عصر لكل أحد اتفاقا.
الثانية: إن كل ما رغب الله فيه فهو ممكن.
الثالثة: أن المراد نفي جميع أنواع الخوف والحزن في كل الأوقات، لأن النكرة المنفية للعموم.
الرابعة: إنه لا يحصل ذلك إلا بتيقن امتثال أوامر الله تعالى ونواهيه، وإنما يعلم ذلك بمعرفة مراد الله تعالى من خطابه جميعه يقينا ومعرفة مراد النبي صلى الله عليه وآله من خطابه.
الخامسة: إن ذلك لا يحصل من الكتاب والسنة إذ أكثرهما مجملات وعمومات وألفاظ مشتركة، والأقل منهما المفيد لليقين والسنة المتواترة منهما قليل، وقد قال بعض الأصوليين: إن الدلائل اللفظية كلها لا يفيد شئ منها اليقين، وقد بينا وجه ضعفه في الصول لكن اتفق الكل على أنه ليس كل الدلائل اللفظية مفيدا لليقين ولا يمكن انتفاء الخوف دائما والحزن في جميع الأحوال إلا مع تيقن المراد في خطابه تعالى، ولا يمكن إلا بقول المعصوم فيكون المعصوم ثابتا في كل فيستحيل إمامة غيره مع وجوده وهو ظاهر (1).
الثالث والثلاثون: قوله تعالى: * (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا

(1) ويمكن الاستدلال بالآية من ناحية أخرى. وهي أن هدى الله تعالى لا يثاب بمخالفته، وإن موافقة غير المعصوم لا نحرز معها إصابة هداه تعالى لتجويز الخطأ عليه فلا نحرز الموافقة إذن بقول المعصوم واتباعه، فما أمر الله تعالى باتباع هداه إلا وجعل طريقا واضحا له، وهل هو إلا المعصوم، لجواز وقوع الخطأ في غيره بل لليقين بوقوعه ولو في بعض الأحكام.
واتباع هداه تعالى يجب في كل عهد، فلا بد من جعل الطريق له في كل عهد.
(٨٥)
مفاتيح البحث: الوقوف (1)، الخوف (4)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست