كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٧٩
حق من يأتي بعد عصر الرسول مع عصمة ناقل الشرع، وقائم مقام الرسول في جميع ما يراد منه سوى النبوة، ولا يتحقق ذلك إلا مع عصمة الإمام.
فيجب عصمة الإمام، لا يقال نفي الحجة بعد مجئ الرسول، فلا يتوقف على إمام معصوم وإلا لزم التناقض لأنه لو لم يكن إمام معصوم يثبت الحجة بقولكم لكنها منفية بالآية والزمان واحد فشرائط التناقض متحققة، لأنا نقول الإمام المعصوم لازم بإرشاد الرسول للوجه المذكور وذكر الملزوم ووجه الملازمة كاف، لأن قوله تعالى بعد الرسل هو قوله بعد الإمام المعصوم أو ملزومة، ولأنه ليس المراد بعد مجئ الرسول بمجرده، بل المراد بعد الرسول وإتيانه بجميع الشريعة وتقريرها وإظهارها وجميع ما يتوقف إيصالها عليه والعلم بها والعمل، ورأس ذلك وأهمه الإمام المعصوم لأنه هو المؤدي للشريعة وبه يعلم ولا تناقض لاستحالة مجئ الرسول ووفاته وخلو الزمان من إمام معصوم وإلا لثبتت الحجة (1).
الخامس والعشرون: قوله تعالى (من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) وجه الاستدلال من وجهين الأول: إن نفي الخوف ونفي الحزن على وجهين، أحدهما: لعدم الالتفات وعدم التصديق وهو من باب الجهل. وثانيهما للعلم بالنجاة واليقين من صحة العبادات والأحكام التي أتى بها واعتقدها، والعلم بالطاعات والمعاصي والأحكام بالوجه اليقيني والإتيان بها وليس المراد " الأول " لأنه تعالى ذكره على سبيل المدح والأول يقتضي الذم فتعين الثاني فلا بد من طريق إلى معرفة ذلك وليس الكتاب لاشتماله على المتشابهات والمشتركات ولا السنة لذلك (2) فتعين أن يكون الطريق هو قول المعصوم فإنه

(1) وإيضاحه أن نقول: إن الله تعالى حينما بعث الرسول بالشرايع أراد من الأمم العمل بها كاملة كما صدع بها الرسل دون تأويل وتبديل، والناس لو تركوا - وأنفسهم لاختلفوا في أحكام تلك الشرايع قطعا، وشاهده شريعة خاتمهم نبيا صلى الله عليه وآله ولا بد في الاختلاف من المخالفة، وهو سبحانه لا يريد منهم إلا الموافقة فإذا خالفوا - وليس لهم دليل - لا تقوم له سبحانه عليهم الحجة، بل لهم الحجة عليه إذا أقامهم للسؤال، فإنه لم ينصب لهم هاديا ودليلا، والناس لا تتحد فهما وصلاحا ونوايا، ومن ثم إن ينصب لهم إماما يوضح لهم أحكام الشريعة ويحفظها عن كل تلاعب وتصرف، وبه تكون لله الحجة البالغة على الناس، ولا تكون لهم عليه تعالى الحجة، ولولا الإمام المعصوم لثبتت الناس الحجة واضحة عليه تعالى (2) على ما في مفادهما من اختلاف الأمة، وعدم وفائهما بجميع الأحكام وما هذا الاختلاف، وكل يدعي أن مدركه الكتاب والسنة، إلا لإمكان الجدال والنظر في المفاد.
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»
الفهرست