كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٣٤١
على الملكين وهذا هو قول أبي مسلم وتفسيره قال كما أن الشياطين نسبوا السحر إلى ملك سليمان مع أن ملك سليمان كان مبرأ عنه وكذلك نسبوا ما أنزل على الملكين في أن المنزل عليهما سحر وهو مبرأ عن السحر لأن المنزل عليهما كان هو الشرع والدين والدعاء إلى الخير واحتج عليه بأن السحر لو كان نازلا عليهما لكان منزله هو الله تعالى وذلك غير جايز لأن السحر كفر وعيب ولا يليق بالله تعالى إنزال ذلك ولأن قوله ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر يدل على أن تعليم السحر كفر، فلو ثبت في الملائكة أنهم يعلمون السحر لربهم الكفر وذلك باطل ولأنه كما لا يجوز على الأنبياء أن يبعثوا بتعليم السحر كذا لا يجوز في الملائكة بطريق الأولى ولأن السحر لا يضاف إلا إلى الكفرة والفسقة والشياطين المردة فكيف يضاف إلى الله تعالى ما نهى عنه ويتوعد عليه بالعتاب وهل السحر إلا الباطل المموه وقد أبطله الله تعالى في عدة مواضع كما قال الله تعالى في قصة موسى عليه السلام (إن الله سيبطله).
الثالث: أن يكون ما بمعنى الجحد ويكون معطوفا على قوله وما كفر سليمان كأنه قال لم يكفر سليمان ولم ينزل على الملكين السحر لأن السحرة كانت تضيف السحر إلى سليمان وتزعم أنه مما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت فرد الله عليهم في القولين وقوله وما يعلمان من أحد جحد أيضا أي لا يعلمان أحدا بل ينهيان عنهما أشد النهي وأما قوله تعالى حتى يقولا إنما نحن فتنة أي ابتلاء وامتحان فلا تكفر وهو كقولك ما أمرت فلانا بكذا حتى قلت له لا تفعل ونهيته أو حتى قلت له إن فعلت كذا نالك كذا ومعناه ما أمرته حتى حذرته عنه.
الرابع: إن إنزال السحر لتعليم صفته لأنه منهي عنه والنهي عن الشئ يستلزم معرفته على تعليم السحر وجعله كفرا لقوله تعالى ولكن الشياطين لاستحالة تكليف الله تعالى شخصا بأن يجتنب شيئا مجهولا مطلقا لأنه يكون تكليفا بالمحال فإن النهي عن الشئ يستلزم العلم به، لا يقال: إنه تعالى ذم الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر لأنا نقول الشياطين علموا الناس
(٣٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 ... » »»
الفهرست