كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٣٣٩
الرابع: إنه تعالى حكى عنهم طعنوا في البشر بالمعصية ولو كانوا عصاة لما حسن منهم ذلك الطعن.
الخامس: إنه تعالى حكي عنهم أنهم يسبحون الليل والنهار ولا يفترون ومن كانوا كذلك امتنع صدور المعصية منهم وأما المقدمة الثالثة وهي أن الأفضل من المعصوم معصوم فظاهرة وقد نبه الله تعالى عليها بقوله تعالى:
(إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وإذا ثبت أن عليا عليه السلام معصوم وجب أن يكون كل إمام معصوما إذ لا قائل بالفرق.
اعتراض: إن المقدمة الثانية قدح فيها جماعة من الحشوية وتكلموا فيها بالمنع والنقض والمعارضة أما المانع فلا نسلم عصمة الملائكة وما ذكرتموه من الأدلة أما أولا فإنه مختص بملائكة النار وباقي الأدلة يمنع عمومه في كل الملائكة وأما النقض فبقصة هاروت وماروت فإنهما ملكان وقد وجد منهما الذنب وإلا لما عاقبهما الله تعالى حيث خيرهما بين عذاب الدنيا والآخرة فاختارا عذاب الدنيا عاجلا فجعلهما ببابل منكوسين في بئر إلى يوم القيامة وهما يعلمان الناس السحر ويدعوان إليه ولا يراهما أحد إلا من ذهب إلى ذلك ليعلم السحر وأما المعارضة فبوجوه الأول قوله تعالى حكاية عنهم:
(أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك) فهذا يدل على أنهم اعترضوا على الله تعالى وذلك من أعظم الذنوب ولأن طعنهم على بني آدم بالفساد غيبة والغيبة ذنب ولأنهم إما أن يكونوا قد علموا ذلك بالوحي أو بالاستنباط والأول ينفي فائدة إعادته عليه تعالى والثاني يستلزم القدح في الغير بالظن ولا يجوز الثاني قوله تعالى: (وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة). فدل هذا على أن الملائكة معذبون لأن أصحاب النار إنما يكون من يعذب فيها كما قال الله تعالى: (أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) الثالث إن إبليس كان من الملائكة المقربين ثم عصى وكفر وذلك يدل على صدور المعصية من جنس الملائكة هذه خلاصة كلام الحشوية والجواب منه أما المنع فهو باطل لأنا استدللنا على عصمة الملائكة والقرآن مشحون به والعقل دل على أنهم خير محض حتى ذهب بعضهم أنهم خير
(٣٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 ... » »»
الفهرست