لا يلزم أن يكونوا أفضل من الملائكة ومن محمد صلى الله عليه وآله فكذا هنا وأيضا قال الله تعالى في حق مريم عليها السلام: (إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين) ولم يلزم كونها أفضل من فاطمة عليها السلام فكذا هنا والجزئية لا تنتج كبرى في الشكل الأول.
والجواب: إن هذا الإشكال مدفوع لأن قوله تعالى:
(وإني فضلتكم على العالمين) خطاب للأنبياء الموجودين في ذلك الزمان وحين ما كانوا موجودين لم يكن محمد صلى الله عليه وآله موجودا في ذلك الزمان ولما لم يكن موجودا لم يكن من العالمين لأن المعدوم لم يكن من العالمين وإذا كان كذلك لم يلزم من اصطفاء الله تعالى إياهم على العالمين في ذلك الوقت أن يكونوا أفضل من محمد صلى الله عليه وآله فأما جبرائيل عليه السلام فإنه كان موجودا حين قال الله تعالى: (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) فيلزم أن يكون قد اصطفى هؤلاء على جبرائيل وأيضا فهب أن تلك الآية قد دخلها التخصيص لقيام الدلالة وهاهنا لا دليل يوجب ترك الظاهر فوجب اجراؤه على الظاهر في العموم وقد عرفت من ذلك الجواب عن الالزام بأن مريم قد اصطفاها الله على نساء العالمين ولم تكن أفضل من فاطمة عليها السلام فإن فاطمة عليها السلام لم تكن موجودة في ذلك الزمان وتمام التقرير كما مر.
الثالث والثلاثون: قوله تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) وهذه العبارة تدل لغة على الحصر ونصب إمام قائم مقام النبي صلى الله عليه وآله بعد لطف ورحمة بل هو أعظم من بيان التكاليف الجزئية والمندوبات والمكروهات الأقلية لأنه أمر كلي فإخلاله به ينافي الرحمة فيجب عليه نصب الإمام ودعوة المكلفين إلى طاعته وتحذيرهم من معصيته ولأن أمره قائم ودعوة المكلفين إلى طاعته وتحذيرهم من معصيته ولأن أمره قائم مقام أمر النبي صلى الله عليه وآله فهو أفضل من كل الأمة فيجب أن يكون معصوما لأن تسليم الأمة كلهم أمرهم ونهيهم وفعلهم وتركهم إلى شخص واحد غير معصوم ينافي الرحمة فهو معصوم فالإمام معصوم.