كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٣٤٦
حضيض مرتبة البهائم والدواب إلى أوج مرتبة الملائكة ونصب الأنبياء والأئمة لإرشادهم ودعائهم إلى ذلك بتبليغ الأنبياء وحمل الناس على الامتثال فلا بد وأن يكون الأنبياء في مرتبة ما يدعون الناس إليه وكذا الأئمة لأنهم قائمون مقام الأنبياء في جميع ما (في جميع مراده) يأمر فلا بد وأن يكون الأنبياء والأئمة معصومين وإلا لناقض الغرض ولم يتحقق ذلك المطلوب هو ظاهر لا محالة.
التاسع والثلاثون: قوله تعالى في سورة يونس: (إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدؤا الخلق ثم يعيده ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط) أي بالعدل وهو متعلق بيجزي والمعنى ليجزيهم بقسطه أو يوفيهم أجورهم بقسطهم وبما أقسطوا وعدوا ولم يظلموا حين آمنوا وعملوا الصالحات لأن الشرك ظلم لقوله تعالى: (إن الشرك لظلم عظيم) والعصاة ظلام أنفسهم وهذا أوجه لمقابلة قوله بما كانوا يكفرون فنقول هذه الآية تدل على وجوب نصب إمام معصوم وأنه لا يخلو زمان فيه مكلفون غير معصومين منه وتقريره يتوقف على مقدمات:
الأولى: إنه جعل عناية خلق الخلق وإعادتهم أن يجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط أي بالعدل.
الثانية: إن الغاية في كل فعل أعظم وأشرف من ذي الغاية وهو مبرهن في علم الإلهي بل قريب من البين.
الثالثة: بدؤ الخلق وإعادته أمرعظيم فيكون إيصالهم إلى جزائهم من الثواب على فعلهم أعظم ومن مقدمات هذا الاكرام والمفضال العظام نصب الإمام المعصوم الذي يفيد قوله العلم يتمكن المكلف من عمل الصالحات يقينا ويخرج عن الشك ولأنه ذكر الجزاء على أمرين أحدهما الإيمان وهو من فعل القوة النظرية والثاني عمل الصالحات وهو من فعل القوة العملية والإنسان يحتاج فيهما إلى موصل له إليهما ففي طرف القوة النظرية الفعلية القضايا البديهية والضرورية المحتاجة إلى الحواس الظاهرة والباطنة فوهبه الله
(٣٤٦)
مفاتيح البحث: سورة يونس (1)، الوقوف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 ... » »»
الفهرست