كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ١٩٣
إحديهما: إن علة الحاجة إلى الإمام هي أن يعلم منه ما لا يعلم عند عدمه لا غير.
وثانيهما: إن ما كان لطفا في بعض التكاليف يجب أن يكون لطفا في جميعها وهاتان المقدمتان باطلتان، فالاعتراض باطل، أما بطلان المقدمة الأولى فنقول انا لم نثبت الحاجة إلى الإمام لأجل تعليمنا ما نجهله بفقده، بل قلنا بالاحتياج إليه في أشياء منها العلم ومنها كونه لطفا في مجانبة القبيح وفعل الواجب، ولا يقع الاستغناء عنه، ولو علمنا الكل باضطرار لأن الاخلال بما علمناه اضطرارا متوقع منا عند فقد الإمام ولا يمنع العلم بوجوب الفعل من الاخلال به، ولا العلم بقبحه من الإقدام عليه، فإن أكثر من يقدم على الظلم وفعل القبائح يكون عالما بقبحه.
وأما بطلان المقدمة الثانية: فلأن اللطف لا يجب عمومه بل في الألطاف العموم والخصوص المطلقان من وجه فلا يجب في كون الإمام لطفا في ارتفاع الظلم والبغي ولزوم العدل والإنصاف أن يكون لطفا في كل تكليف حتى في معرفة نفسه.
الثاني: إنه معارض بالمعرفة بالثواب والعقاب ومعرفة الله تعالى فإنها لطف في الواجبات والامتناع عن القبائح فإن كانت لطفا في نفسها حتى لا تجب على المكلف حتى يعرف الثواب والعقاب ويعرف الله تعالى أو لا يكون كذلك والأول ظاهر الفساد، والثاني: نقول إذا جاز أن يستغني بعض التكاليف عن هذه المعرفة مع كونها لطفا فيه، فهلا جاز الاستغناء عنها في سائر التكاليف لا يقال المعرفة بالثواب والعقاب وإن لم يكن لطفا في نفسها من حيث لم يصح ذلك فيها، فهناك ما يقوم مقامها وهو الظن لهما فلم يغن المكلف من لطف في تكليفه المعرفة، وإن لم يكن مماثلا للطفه في سائر التكاليف لأنا نقول: فاقنع منا بما اقنعتنا به، فإنا نقول: إن معرفة كل الأئمة يستحيل أن يكون اللطف فيها معرفة الإمام لأنه لا بد في أول الأئمة من أن يكون معرفته واجبة وإن لم يتقدم للمكلف معرفة بإمام غيره وإن استحال ذلك جاز أن يقوم مقامه المعرفة بالإمام في هذا التكليف. غيرها ولا
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»
الفهرست