الفعل قطعا، فعدم إتيان الإمام بالقبيح، أما لعدم القدرة عليه وهو باطل لوجود القدرة أو للعلم بقبحه وانتفاء الداعي، وهذا العلم إذا لم يكن الإمام معصوما ساوى فيه غيره من المجتهدين، ولو زاد عليهم لكان تلك الزيادة لا يطلع عليها إلا الشاذ النادر وداعي الشهوة موجودة متحقق تساوى فيه غيره وعدمه أمر خفي لا يطلع عليه أحد في الأغلب، وأما الصارف فليس إلا التكليف والقوة العقلية، ولا مدخل لها عند الأشاعرة، ولا تفي أيضا بمنع القوة الشهوية إذ لو صلحت المصارفية التامة دائما كان معصوما وصارفية التكليف لا تكفي في غير المعصوم وإلا لم يجب نصب الإمام لمساواته غيره، وأيضا فلأن ذلك الصارف إما أن يجب تحقيقه دائما أو لا.
والأول يستلزم كونه معصوما مع اختلاف الاجماع، والثاني لا يصلح في الأغلب لسائر المكلفين العلم بحصوله وهو ظاهر، وأيضا فإن الإمام إذا لم يكن معصوما لم يحصل الجزم بثبوت الصارف لأن البحث في الصارف التام، وأيضا فإن الإمام إذا لم يكن معصوما ساوى غيره في الصارف، ولو ثبت تفاوت لم يدركه كل أحد بل الأغلب لا يدركه، وأما عدم العلم بأصل الفعل فباطل لأن التقدير علمه به لأنه يكون من باب الاتفاق والندرة ولا يجب فيه.
إذا تقرر ذلك فنقول: الإمام إذا لم يكن معصوما لم يكن فعله حجة على المجتهدين لمساواتهم إياه في العلم ولا على غيرهم لأن الحجة إنما تكون حجة مع عدم احتمال النقيض ولمساواته غيره من المجتهدين فليس ترجيحه بالتقليد أولى من العكس والإمامة زيادة في التمكين لما مر، فلا تصلح للصارفية ومن ليس فعله حجة لا يصلح، للإمامة لأن الإمام خليفة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقائم مقامه.
الرابع والعشرون: علة الحاجة إلى الإمام هو التكليف وعدم العصمة، فلو لم يكن الإمام معصوما لم يحصل اندفاع الحاجة لثبوت علتها، فاحتاج مع وجود الإمام إلى إمام، فلا يكون ما فرض إماما محتاجا إليه.