كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ١٩٢
نكون مكلفين بالحق والصواب في شئ من الأحكام أو في البعض دون البعض والثاني باطل قطعا والثالث محال لأنه ترجيح من غير مرجح، ولأن البعض الآخر إن لم يكن مكلفين في ذلك البعض بشئ فهو محال أو بالخطأ، وهو محال وإلا لم يكن خطأ لأنا لا نعني بالصواب إلا ما كلف الله تعالى به، ولأن الخطأ يستحيل التكليف به، فتعين القسم الأول فثبت ما قلناه.
وثانيهما: إن أحكام الله تعالى ليست مفوضة إلينا وإلى اختيارنا، ونحن مكلفون بها في الوقائع إذ لم نخير في واقعة فيها حكم الله تعالى بل نحن مأمورون بذلك الحكم بعينه، والمجتهد لا يمكنه تحصيل ذلك من الكتاب والسنة، فتعين الإمام المعصوم إذ غيره لا يفيد.
السابع والثلاثون: الإمام لطف في فعل الواجبات والطاعات وتجنب المقبحات وارتفاع الفساد وانتظام أمر الخلق وهو لطف أيضا في الشرائع بأن يفسر مجملها ويبين محتملها ويوضح عن الأعراض الملتبسة فيها ويكون المفزع في الخلاف الواقع فيها الأدلة الشرعية عليه كالمتكافئة، ويكون من وراء الناقلين، فمتى وقع منهم ما هو جائز عليهم من الأعراض عن النقل بين ذلك وكان الحجة فيه واعترض قاضي القضاة عبد الجبار بأن قال: المكلفون أما يعلمون كون الإمام حجة باضطرار وباستدلال فإن قلتم باضطرار ونقضهم لا يؤثر في ذلك، قلنا: فجوزوا ذلك في سائر أمور الدين أن نعلمه باضطرار ولا يقدح النقض فيه فيقع الاستغناء عن الإمام.
وإن قلتم باستدلال قلنا: فنقضهم يمنع من قيامهم بما كلفوه من الاستدلال على كونه حجة. فإن قلتم: نعم لزمت الحاجة إلى إمام آخر ويتسلسل لأن الكلام فيه كالكلام في الإمام الأول ومع التسلسل فلا يؤثر الأئمة التي لا تتناهى، كما لا يؤثر الواحد فلا بد من القول بأنه يمكنهم معرفة الحجة والقيام بتصرفه من غير حجة فنقول فجوزوا مثل ذلك في سائر ما كلفوا به وإن كان النقض قائما أجاب السيد المرتضى قدس سره بوجهين:
الأول: إن هذا الاعتراض مبني على مقدمتين:
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»
الفهرست