المناظرات بين فقهاء السنة وفقهاء الشيعة - مقاتل بن عطية - الصفحة ١٥٢
يستحل قتل عثمان بل وقتل أبي بكر وعمر، وترى أن الإعانة على قتله من الطاعات والقربات، فكيف يقول من هذا اعتقاده: أي ذنب كان لعلي في ذلك؟ وإنما يليق هذا التنزيه لعلي بأقوال أهل السنة. لكن الرافضة من أعظم الناس تناقضا.
ابن مطهر: أجمعوا على قتل عثمان.
ابن تيمية: هذا كذب فإن الجمهور لم يأمروا بقتله ولا رضوه، ولم يكن أكثر المسلمين بالمدينة بل كانوا بالأمصار - من بلد المغرب إلى خراسان - ولم يدخل خيار المسلمين في ذلك، وإنما قتله طائفة من المفسدين في الأرض. وعن علي قال:
(اللهم العن قتلة عثمان في البر والبحر والسهل والجبل).
ومن المعلوم أن المسلمين أجمعوا على بيعة عثمان وما أجمعوا على قتله.
وما قولك إن عثمان قتل بالإجماع إلا كما قال ناصبي قتل الحسين بإجماع المسلمين، لأن الذين قاتلوه وقتلوه لم يدفعهم أحد عن ذلك، فلم يكن كذبه بأظهر من كذب المدعي الإجماع على قتل عثمان فإن الحسين لم يعظم إنكار الأمة لقتله كما عظم إنكارها لقتل عثمان ولا حصل بقتل عثمان (1).

(1) كلام ابن تيمية هذا أوقعه في متاهة إذ أن رفض الاعتراف بوجود جمهور المسلمين في المدينة يعني أن اختيار الإمام علي الذي تم بواسطة هذا الجمهور لم يكن صحيحا. وما دام أهل السنة يعترفون بصحة إمامة علي فإن هذا يوجب الاعتراف بوجود جمهور المسلمين في المدينة. ويوجب أيضا الاعتراف بمباركة الجمهور الثورة على عثمان وقتله، لأن هذا الجمهور هو الذي اختار عليا وإن نقض فكرة الإجماع على قتل عثمان يعني نقض فكرة الإجماع على اختيار علي. وكذب ابن تيمية حين قال إنه لم يكن هناك أحد بالمدينة حين قتل عثمان فقد كان هناك كبار الصحابة وعلى رأسهم طلحة والزبير وعبد الله بن عمر وعمار بن ياسر وابن عباس وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن سلام وزيد بن ثابت وصهيب الرومي وأسامة بن زيد وأبي هريرة والمغيرة بن شعبة والأنصار فهل كل هؤلاء لا يمثلون الإجماع عند ابن تيمية؟
وهل ثبت بروايات أهل السنة أن أحدا من هؤلاء حال بين عثمان وبين القتل؟
وإذا كان عثمان بتلك المنزلة الرفيعة التي يصورها أهل السنة فلماذا لم يدافع عنه الأنصار وتركوا هذه الشرذمة القادمة من الخارج - حسب تعبيرهم - تنال منه؟
إن المسلمين لم يجمعوا على بيعة عثمان بل أجمعوا على قتله.
وإن الأمة لم تبال بعثمان ولم يعبأ أحد بقتله، وإنما اهتز وجدان الأمة وفجعت بقتل الحسين وأبناء الرسول في كربلاء ولم تزل هذه المأساة تدمي القلوب وتعبأ النفوس وتزلزل الأرض من تحت أقدام الطغاة إلى اليوم. أما عثمان فمن ذا الذي يحيي ذكراه أيها الكذاب الأشر؟
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»
الفهرست