المناظرات بين فقهاء السنة وفقهاء الشيعة - مقاتل بن عطية - الصفحة ١٥٤
وقال تعالى في مريم وهي امرأة * (وأمه صديقة) * [المائدة: 75].
ابن مطهر: قال النبي (ص) (سدوا الأبواب إلا باب علي).
ابن تيمية: هذا من وضع الشيعة. فإن في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي (ص) قال في مرضه الذي مات فيه (إن آمن الناس علي في ماله وصحبه أبو بكر، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخوة الإسلام ومودته. لا يبقين في المسجد خوخة إلا سدت إلا خوخة أبي بكر ورواه؟؟؟ ابن عباس في الصحيحين).. (2).

(١) ابن تيمية بهذا الكلام قد قلل من قيمة أبي بكر دون أن يدري، وهو يريد أن يقلل من قيمة علي بالطبع وينقض رواية ابن المطهر. إلا أنه اعترف أن الصديقين كثير وهذا يعني أن إضفاء صفة الصديق على أبي بكر أمر عادي ما دام الذي يتحرى الصدق من الممكن أن يكون صديقا ويتساوى مع أبي بكر.
وأما استدلال ابن تيمية بالنص القرآني الخاص بمريم فلا شأن له بالموضوع ولا ينكر كون مريم صديقة لكن الذي ينكر هو إضفاء هذه الصفة على أبي بكر والفرق شاسع بين من يمنح صفة الصديق بنص القرآن ومن يمنح صفة الصديق عن طريق الرواية.
(2) قال ابن حجر العسقلاني في فتح الباري: جاء في سد أبواب التي حول المسجد أحاديث يخالف ظاهرها حديث: إلا باب أبي بكر. منها حديث سعد بن أبي وقاص قال: أمرنا رسول الله (ص) بسد الأبواب الشارعة في المسجد وترك باب علي. أخرجه أحمد والنسائي وإسناده قوي..
وفي رواية الطبراني في الأوسط رجالها ثقات من الزيادة: فقالوا يا رسول الله سددت أبوابنا.
فقال: ما أنا سددتها ولكن الله سدها. وعن زيد بن أرقم: سدوا هذه الأبواب إلا باب علي..
أخرجه أحمد والنسائي والحاكم ورجاله ثقات. ومثله عن ابن عباس أخرجه أحمد والنسائي.
ومثله عن جابر بن سمرة وعن ابن عمر. أخرجه أحمد والنسائي ورجاله الصحيح.
وهذه الأحاديث يقوي بعضها بعضا وكل طريق منها صالح للاحتجاج فضلا عن مجموعها، وقد أورد ابن الجوزي هذا الحديث في الموضوعات وأعله ببعض من تكلم فيه من رواته وبأنه مخالف لأحاديث البخاري ومسلم وغيرها الخاصة بأبي بكر وزعم أنه من وضع الرافضة وأخطأ في ذلك خطأ شنيعا فإنه سلك في ذلك رد الأحاديث الصحيحة بتوهمه المعارضة. (ج 7 / 15).
ونحن قد تركنا ابن حجر شارح البخاري يرد على ابن تيمية وغيره ممن أنكر رواية علي من باب وشهد شاهد من أهلها. ومثل هذا الرد قد كشف لنا مدى التناقض الذي يعيشه أهل السنة بين الروايات الصحيحة والروايات التي هي من صنع السياسة.
ولا يعنينا هنا ميل أهل السنة لأبي بكر على حساب علي فهذا أمر طبيعي تفرضه عقيدتهم، لكن ما يعنينا هو إثبات صحة موقف ابن المطهر وكذب ابن تيمية.
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»
الفهرست