كلمة المركز لم يكن المسلمون، في يوم من الأيام، أكثر حاجة إلى الوحدة منهم في هذه الأيام، فمنظرو الغرب الاستعماري في هذا الزمن، يرون في الإسلام عدوهم الأول، ويعدون الخطط التي سرعان ما ينفذها السياسيون والعسكريون للقضاء عليه، بغية السيطرة على بلاد المسلمين وامتلاك ثرواتها، وهذا يعني أن وجود المسلمين الفاعل نفسه مهدد بالخطر، ما يقتضي المبادرة إلى امتلاك القوة القادرة على مقاومة هذا الخطر، وأول شروط هذا الامتلاك هو الوحدة الإسلامية.
والوحدة المطلوبة ينبغي أن تقوم على أساس متين هو معرفة الآخر معرفة حقيقية شاملة وعميقة وحواره في الأمور الخلافية من دون تجاهل لأي أمر كان، أو لا يزال، موضع خلاف، ومن دون مداراة، ذلك أن النأي عن البحث الموضوعي الجدي في ما يختلف المسلمون فيه، والاكتفاء بالمجاملات يبقى النأي قائما بينهم، مغطي بركام من الكلام العام الجاهز للاستهلاك في الوقت المناسب.
هذا الكلام يقصي أكثر مما يقرب، وما يقرب هو الحوار العقلي الرصين الذي يحدد الموضوعات المختلف بشأنها، ويبحثها..
وكثيرا ما أدار علماء المسلمين مثل هذا الحوار، ومن نماذج ذلك ما يذكره المؤرخون من أن الشيخ عز الدين حسين بن عبد الصمد (918 ه - 984 ه)، وهو من أئمة الفقه والحديث الشيعة، حل ضيفا على عالم من علماء حلب، كان نظيرا له وصديقا، وقال له: " إنه يقبح ومثلك، بعد أن صرف كل منا عمره في تحصيل العلوم الإسلامية وتحقيق مقدماتها،