المناظرات بين فقهاء السنة وفقهاء الشيعة - مقاتل بن عطية - الصفحة ١٥١
وقال تعالى: * (ولقد عفا الله عنهم إنه غفور حليم) * [آل عمران: 155] (1).
ابن مطهر: أي ذنب لعلي في قتله؟
ابن تيمية: تناقص منك. فإنك تزعم أن عليا ممن يستحل قتله وقتاله، وممن ألب عليه وقام بذلك، فإن عليا قد نسبه إلى قتل عثمان كثير من شيعته وشيعة عثمان.
وجماهير الإسلام يعلمون كذب الطائفتين على علي، والرافضة تقول إن عليا كان ممن

(١) جواب عثمان الذي احتج به ابن تيمية لا يصح الاستدلال به هنا لأنه موضع الاتهام والمفروض أن يأتي الدفاع عنه على لسان غيره من الأطراف المحايدة لا من أنصاره وخصوم الإمام علي والشيعة مثل ابن عمر.
إلا أن روايات أهل السنة وكلام ابن تيمية والآيات التي استشهد بها تؤكد فرار عثمان من أحد مع من فروا من الصحابة. ولا ينكر أهل السنة هذا بل يؤكدون أن عثمان شمله العفو الإلهي والمغفرة فمن ثم يجب أن تطوى صفحة هذه الكبيرة التي ارتكبها عثمان. روى البخاري أن رجلا سأل ابن عمر فقال: هل تعلم أن عثمان فر يوم أحد؟ قال: نعم. أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله عفا عنه وغفر له.. (كتاب فضائل الصحابة).
وهذا اعتراف صريح بفراره مع من فروا يوم أحد وشهادة ابن عمر لا تعنينا في شئ فهي شهادة باطلة لكونها غير مدعومة بنص صريح للرسول (ص) يثبت أن الله عفا عنه وغفر له. وإذا كان أهل السنة على أساس موقف ابن عمر يعتقدون العفو والغفران له فما بني على باطل فهو باطل. وروى البزار أن عثمان عاتب عبد الرحمن بن عوف فقال له: لم ترفع صوتك علي؟
فذكر له فراره يوم أحد وتغيبه عن بدر وعن بيعة الرضوان. (انظر فتح الباري ج ٧ / ٥٩).
ومن المعروف أن عبد الرحمن من أنصار عثمان وهو الذي أوصله إلى الحكم. وقوله هذا الكلام له يعني أن الموقف من عثمان لم يكن ينحصر فقط في دائرة خصومه، فهو بمثابة وشهد شاهد من أهلها..
واستدلال ابن تيمية بالروايات التي تشير إلى أن الرسول (ص) قد أذن لعثمان بالتخلف عن أهل بدر لتمريض ابنته التي هي زوجة عثمان باطل من وجه:
الأول: إن الخصم ابن المطهر لا يسلم بهذه الروايات ولديه روايات أخرى تبطلها. وليس من المعقول أن يحاول ابن تيمية إرغام الخصم وإقامة الحجة عليه برواياته هو بينما الخصم لا يقيم الحجة عليه برواياته..
الثاني: إن الرواية تصور الرسول (ص) وكأنه تنازل عن أمر شرعي في مقابل أمر شخصي. فالإذن يتخلف عثمان عن الجهاد يجب أن يكون له مبرر أقوى من ذلك.
وهل لو كانت زوجة عثمان ليست بنت الرسول كان قد وافق على تخلفه؟
الثالث: إن عثمان بمكانته التي تصورها روايات أهل السنة ودوره ما كان له أن يتخلف لهذا السبب.
الرابع: إن نسبة رقية وكذلك زينب وأم كلثوم إلى الرسول أمر فيه شك وغير ثابت (انظر لنا نساء حول الرسول).
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»
الفهرست