المناظرات بين فقهاء السنة وفقهاء الشيعة - مقاتل بن عطية - الصفحة ١٤٨
ابن مطهر: وأما عثمان فإنه ولى من لا يصلح، حتى ظهر من بعضهم الفسق والخيانة وقسم الولايات بين أقاربه.
ابن تيمية: إن نواب علي قد خانوه وعصوه أكثر مما خان عمال عثمان زياد بن أبي سفيان، أبا عبيد الله بن زياد قاتل الحسين وولى الأشتر، وولى محمد بن أبي بكر.
ومعاوية خير من هؤلاء كلهم. ومن العجب أن الشيعة ينكرون على عثمان ما يدعون أن عليا كان أبلغ فيه من عثمان، فيقولون: إن عثمان ولى أقاربه من بني أمية، وعلي ولى أقاربه من قبل أبيه وأمه كعبد الله وعبيد الله ابني عمه العباس. وولى على مصر ربيبه محمد بن أبي بكر الذي رباه في حجره، وولد أخته أم هانئ.
ثم إن الإمامية تدعي أن عليا نص على أولاده في الخلافة... ومن المعلوم أنه إن كان تولية الأقربين منكرا فتولية الخلافة العظمى أعظم من إمارة بعض الأعمال، وتولية الأولاد أقرب إلى الإنكار من تولية بني العلم (1).
ابن مطهر: ضرب ابن مسعود حتى مات.
ابن تيمية: هذا من الكذب المعلوم... وقيل إن عثمان ضرب عمارا وابن مسعود، فإن صح فهو إمام، له أن يعزر باجتهاده أصاب أو أخطأ (2).

(1) البون شاسع بين الإمام علي وبين عثمان وقد اختار ولاته من أقاربه وأهل الأهواء والمصالح فنتج عن ذلك الفساد في الأرض، واختار الإمام علي ولاته من خاصته وأتباعه فإذا ظهر انحراف من جهتهم فليس هذا ذنب الإمام ومن يختار فاسق لولاية فهو شريك في انحرافاته. أما من يختار الصالح للولاية فلا يلام على انحرافه فيما بعد هذا على فرض التسليم بانحراف ولاة الإمام علي.
فليس هذا الانحراف سوى وهم من أوهام أهل السنة نسجته الروايات الكاذبة..
أما معاوية الذي فضله ابن تيمية على أصحاب علي فليس سوى نكرة وليس في تاريخه ما يؤكد صحبته بل نسبته إلى الإسلام هو وأبيه وهو ما تعتقده الشيعة. ويتمادى ابن تيمية في إثبات جهله وانحرافه عن آل البيت بقوله إن الإمامية تدعي أن عليا نص على أولاده في الخلافة. وما قالت الإمامية ذلك وما قالته هو أن الرسول (ص) نص على اثني عشر إماما من بعده أولهم الإمام علي وآخرهم الإمام المهدي المنتظر وهم جميعا من ذرية فاطمة وهذا أمر لا صلة له بما يدعيه ابن تيمية من تولية الأقارب، فعلي لم يختر الأئمة من بعده.
إن مثل هذا الكلام السطحي يدل على أن ابن تيمية لا يفرق بين أئمة آل البيت وبين ولاة الأمصار وهذا الأمر إن دل على شئ فإنما يدل على حقد هذا الرجل على الشيعة وعصبيته لبني أمية..
(2) سبق الإشارة لهذا الأمر في المناظرة الأولى، وابن تيمية هنا يثبت تناقضه بادعائه كذب ابن المطهر ثم اعترافه بأنه قد قبل أن عثمان ضرب عمارا وابن مسعود ثم تبريره لفعل عثمان ودفاعه عنه باعتباره إمام، والإمام في منظور أهل السنة هو الحاكم وهو مجتهد مثاب على فعله أصاب أو أخطأ..
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»
الفهرست