المناظرات بين فقهاء السنة وفقهاء الشيعة - مقاتل بن عطية - الصفحة ١٤١
والآية سبقت في مدح سليمان عليه السلام وما خص به، وإرث المال من الأمور العادية المشتركة بين الناس، ومثل ذلك لا يقص علينا لعدم فائدته.
وكذلك قوله تعالى: * (يرثني ويرث من آل يعقوب) * لأنه لا يرث من آل يعقوب أموالهم، إنما يرثهم أولادهم وذريتهم. ثم زكريا عليه السلام لم يكن ذا مال إنما كان نجارا، ويحيى عليه السلام كان من أزهد الناس (1).
ابن مطهر: ولما ذكرت أن أباها وهبها فدك، وقال: هاتي شاهدا. فجاءت بأم أيمن فقال: امرأة لا يقبل قولها، فجاءت بعلي فشهد لها، فقال: هذا بعلك يجره إلى نفسه.
ابن تيمية: ما هذا بأول افتراء للرافضة ولا بهتهم، ثم أن فاطمة إن كانت طلبت فدك بالإرث بطلت الهبة، وإن كانت هبة بطل الإرث. ثم إذا كانت هذه هبة في مرض الموت فرسول الله (ص) منزه - إن كان يورث كما يورث غيره - أن يوصي لوارث أو يخصه في مرض موت بأكثر من حقه وإن كان في صحته فلا بد أن تكون هذه هبة مقبوضة. وإلا فإذا وهب الواهب بكلام، ولم يقبض الموهوب إليه شيئا حتى مات، كان ذلك باطلا عند جماهير العلماء. فكيف يهب النبي (ص) فدك لفاطمة ولا يكون ذلك كذب على فاطمة في ادعائها ذلك. وإن كان النبي (ص) يورث فالخصم أزواجه وعمه ولا تقبل عليهم شهادة امرأة واحدة ولا رجل واحد بكتاب الله (تعالى) وسنة رسوله (ص) واتفاق المسلمين، وإن كان لا يورث فالخصم في ذلك المسلمون.
فكذلك لا تقبل عليهم شهادة امرأة واحدة ولا رجل واحد باتفاق المسلمين ولا رجل

(١) الثابت أن الرواية التي احتج بها أبو بكر هي رواية آحاد رويت عن طريقه وحده أو عن طريق ابنته التي روتها عنه. ورواها عنه أيضا أبو هريرة وطلحة وعمر وعبد الرحمن بن عوف ومن سار على نهجه. أما نسبتها للإمام علي فهو باطل كما هو نسبة الروايات التي تمجد الخلفاء الثلاثة وتثني عليهم على لسانه.
واحتجاج ابن تيمية هنا إنما يقوم على أساس رواياته هو لا روايات الخصم أو نص صريح من القرآن وهذا جهل منه بأصول الاستدلال.
وهو قد أباح لنفسه تفسير النصوص القرآنية الخاصة بمواريث الأنبياء، وتأويلها على هواه وعلى طريقة أهل السنة. في الوقت الذي حرم فيه على خصمه الاستدلال بها على صحة موقفه واستنباط منها ما يدعم موقفه..
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»
الفهرست