المناظرات بين فقهاء السنة وفقهاء الشيعة - مقاتل بن عطية - الصفحة ١٤٠
ابن مطهر: منع أبو بكر فاطمة إرثها. والتجأ إلى رواية انفرد بها، وكان هو الغريم لها، لأن الصدقة تحل له، لأن النبي (ص) قال (نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة) على ما رووه عنه، والقرآن يخالف ذلك لأنه تعالى قال * (وورث سليمان داود) * [النمل] وقال * (فهب لي من لدنك وليا يرثني) * [مريم / 5 - 6].
ابن تيمية: قولك (رواية انفرد بها) كذب، بل رواه عن النبي (ص) أبو بكر، عمر، عثمان، علي، طلحة، الزبير، عبد الرحمن بن عوف، العباس، أزواج النبي (ص) وأبو هريرة.
وقولك (كان الغريم لها) كذب، فإن أبا بكر لم يدع التركة لنفسه، وإنما هي صدقة لمستحقها، وأيضا فتيقن الصحابة وأولهم علي أن النبي (ص) لا يورث ولهذا ولي علي الخلافة لم يقسم تركة النبي ولا غيرها عن مصرفها.
ثم قوله تعالى: * (وورث سليمان داود) * لا يدل إذا (الإرث) اسم جنس تحته أنواع والدال على ما به الاشتراك لا يدل على ما به الامتياز، ولفظ (الإرث) يستعمل في لفظ إرث العلم والملك وغير ذلك. قال تعالى * (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفيناه) *.
وقال تعالى: * (وتلك الجنة التي أورثتموها) * [الزخرف / 72].
وقوله تعالى: * (وأورثكم أرضهم) * [الأحزاب / 27].
وقوله تعالى: * (وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون) * [الأعراف / 137].
وأخرج أبو داود أن النبي (ص) قال (إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم) ثم يقال بل المراد إرث العلم والنبوة لا المال. وإذ معلوم أنه كان لداود عليه السلام وأولاد كثيرة غير سليمان عليه السلام، فلا يختص سليمان عليه السلام بماله، وليس في كونه ورث ما له صفة مدح لهما، فإن البر والفاجر يرث أباه،
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»
الفهرست