شرح ابن عقيل - ابن عقيل الهمداني - ج ١ - الصفحة ٦٨
وقوله:
9 - أكل الدهر حل وارتحال * أما يبقي علي ولا يقيني؟!
وماذا تبتغي الشعراء مني * وقد جاوز ت حد الأربعين؟
وليس كسرها لغة، خلافا لمن زعم ذلك.
.
9 - هذان البيتان لسحيم بن وثيل الرياحي، من قصيدة له يمدح بها نفسه ويعرض فيها بالأبيرد الرياحي ابن عمه، وقبلهما:
عذرت البزل إن هي خاطرتني * فما بالي وبال ابني لبون؟
وبعدهما قوله:
أخو خمسين (مجتمع)؟ أشدي * ونجذني مداورة الشؤون المفردات: " يبتغي " معناه يطلب، ويروى في مكانه " يدرى " بتشديد الدال المهملة، وهو مضارع أدراه، إذا ختله وخدعه.
المعنى: يقول: كيف يطلب الشعراء خديعتي ويطمعون في ختلي وقد بلغت سن التجربة والاختبار التي تمكنني من تقدير الأمور ورد كيد الأعداء إلى نحورهم؟ يريد أنه لا تجوز عليه الحيلة، ولا يمكن لعدوه أن يخدعه.
الاعراب: " أكل " الهمزة للاستفهام، وكل: ظرف زمان متعلق بمحذوف خبر مقدم، وكل مضاف و " الدهر " مضاف إليه " حل " مبتدأ مؤخر " وارتحال " معطوف عليه " أما " أصل الهمزة للاستفهام، وما نافية، وأما هنا حرف استفتاح " يبقى " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الدهر " على " جار ومجرور متعلق بيبقى " ولا " الواو عاطفة، ولا: زائدة لتأكيد النفي " يقيني " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو، والنون للوقاية، والياء مفعول به " وماذا " ما: اسم استفهام مبتدأ. وذا: اسم موصول بمعنى الذي في محل رفع خبر " تبتغي " فعل مضارع " الشعراء " فاعله " مني " جار ومجرور متعلق بتبتغي، والجملة من الفعل وفاعله لا محل لها من الاعراب صلة الموصول، والعائد ضمير منصوب بتبتغي، وهو محذوف: أي تبتغيه " وقد " الواو حالية، قد: حرف تحقيق " جاوزت " فعل وفاعل " حد " مفعول به لجاوز، وحد مضاف و " الأربعين " مضاف إليه، مجرور بالياء المكسور ما قبلها تحقيقا المفتوح ما بعدها تقديرا، وقيل: مجرور بالكسرة الظاهرة، لأنه عومل معاملة حين في جعل الاعراب على النون، وسنوضح ذلك في بيان الاستشهاد بالبيت.
الشاهد فيه: قوله " الأربعين " حيث وردت الرواية فيه بكسر النون كما رأيت في أبيات القصيدة، فمن العلماء من خرجه على أنه معرب بالحركات الظاهرة على النون على أنه عومل معاملة المفرد من نحو حين ومسكين وغسلين ويقطين، ومنهم من خرجه على أنه جمع مذكر سالم معرب بالياء نيابة عن الكسرة، ولكنه كسر النون، وعليه الشارح هنا.
ونظيره بيت ذي الإصبع العدواني الذي رويناه لك (ص 65) وقول الفرزدق:
ما سد حي ولا ميت مسدهما * إلا الخلائف من بعد النبيين