شرح ابن عقيل - ابن عقيل الهمداني - ج ١ - الصفحة ٥٧
" شفع "، وخرج بقولنا " صالح للتجريد " نحو " اثنان " فإنه لا يصلح لاسقاط الزيادة منه، فلا تقول " اثن " وخرج بقولنا " وعطف مثله عليه " ما صلح للتجريد وعطف غيره عليه، كالقمرين، فإنه صالح للتجريد، فتقول: قمر، ولكن يعطف عليه مغايره لا مثله، نحو: قمر وشمس، وهو المقصود بقولهم:
" القمرين ".
وأشار المصنف بقوله: " بالألف ارفع المثنى وكلا " إلى أن المثنى يرفع بالألف، وكذلك شبه المثنى، وهو: كل ما لا يصدق عليه حد المثنى، وأشار إليه المصنف بقوله " وكلا "، فما لا يصدق عليه حد المثنى مما دل على اثنين بزيادة أو شبهها، فهو ملحق بالمثنى، فكلا وكلتا واثنان واثنتان ملحقة بالمثنى، لأنها لا يصدق عليها حد المثنى، لكن لا يلحق كلا وكلتا بالمثنى إلا إذا أضيفا إلى مضمر، نحو " جاءني كلاهما، ورأيت كليهما، ومررت بكليهما، وجاءتني كلتاهما، ورأيت كلتيهما، ومررت بكلتيهما " فإن أضيفا إلى ظاهر كانا بالألف رفعا ونصبا وجرا، نحو " جاءني كلا الرجلين وكلتا المرأتين، ورأيت كلا الرجلين وكلتا المرأتين، ومررت بكلا الرجلين وكلتا المرأتين "، فلهذا قال المصنف: " وكلا إذا بمضمر مضافا وصلا (1) ".
.

(1) هذا الذي ذكره الشارح تبعا للناظم - من أن لكلا وكلنا حالتين: حالة يعاملان فيها معاملة المثنى، وحالة يعاملان فيها معاملة المفرد المقصور، فيكونان بالألف في الأحوال الثلاثة كالفتى والعصا - هو مشهور لغة العرب، والسر فيه - على ما ذهب إليه نحاة البصرة - أن كلا وكلتا لفظهما لفظ المفرد ومعناهما معنى المثنى، فكان لهما شبهان شبه بالمفرد من جهة اللفظ، وشبه بالمثنى من جهة المعنى، فأخذا حكم المفرد تارة وحكم المثنى تارة أخرى، حتى يكون لكل شبه حظ، في الاعراب. وفي إعادة الضمير عليهما أيضا.
ومن العرب من يعاملهما معاملة المقصور في كل حال، فيغلب جانب اللفظ، وعليه جاء قول الشاعر:
نعم الفتى عمدت إليه مطيتي * في حين جد بنا المسير كلانا ومحل الشاهد في قوله " كلانا " فإنه توكيد للضمير المجرور محلا بالباء في قوله " بنا " وهو مع ذلك مضاف إلى الضمير، وقد جاء به بالألف في حالة الجر.
وقد جمع في عود الضمير عليهما بين مراعاة اللفظ والمعنى الأسود بن يعفر في قوله:
إن المنية والحتوف كلاهما * يوفي المخارم يرقبان سوادي فتراه قال " يوفي المخارم " بالافراد، ثم قال " يرقبان " بالتثنية، فأما الاعراب فإن جعلت " كلاهما " توكيدا كان كإعراب المقصور، ولكن ذلك ليس بمتعين، بل يجوز أن يكون " كلاهما " مبتدأ خبره جملة المضارع بعده، وجملة المبتدأ وخبره في محل رفع خبر إن، وعلى هذا يكون اللفظ كإعراب المثنى جاريا على اللغة الفصحى.
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست